والتنكيل. نراه في العالم الآخر. ونطلع على ما ادخر اللّه له من كرامة. تليق بمقام المؤمن الشجاع المخلص الشهيد :«قِيلَ : ادْخُلِ الْجَنَّةَ. قالَ : يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ. بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ»..
وتتصل الحياة الدنيا بالحياة الآخرة. ونرى الموت نقلة من عالم الفناء إلى عالم البقاء. وخطوة يخلص بها المؤمن من ضيق الأرض إلى سعة الجنة. ومن تطاول الباطل إلى طمأنينة الحق. ومن تهديد البغي إلى سلام النعيم. ومن ظلمات الجاهلية إلى نور اليقين.
ونرى الرجل المؤمن. وقد اطلع على ما آتاه اللّه في الجنة من المغفرة والكرامة، يذكر قومه طيب القلب رضي النفس، يتمنى لو يراه قومه ويرون ما آتاه ربه من الرضى والكرامة، ليعرفوا الحق، معرفة اليقين. (١)
ما ترشد إليه الآيات
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ - لم يترك اللّه سبحانه في قرآنه سبيلا لدعوة الناس إلى الإيمان الصحيح، سواء بالأدلة والبراهين، أو بإعمال الفكر والعقل، أو بالتأمل والمشاهدة، أو بضرب الأمثال، أو بذكر القصص للعظة والعبرة.
والمراد من بيان قصة أصحاب القرية : توضيح أن النبي - ﷺ - أمر بإنذار المشركين من قومه، حتى لا يحل بهم ما حلّ بكفار أهل القرية المبعوث إليهم ثلاثة رسل.
٢ - يكون الرسول عادة من جنس المرسل إليهم، حتى لا يبادروا إلى الإعراض بحجة المغايرة والمخالفة، فتكون شبهة الكافرين ببشرية الرسل في غير محلها، وإنما الباعث عليها الاعتزاز بالنفس والاستعلاء والاستكبار فيما يبدو.
٣ - يؤكد الرسل عادة صدقهم بالمعجزات، وأقسموا باللّه أنهم رسل اللّه الذين إليهم، فإن كذبوهم، لم يجدوا سبيلا إلا التصريح بمهمتهم بالتحديد، وهي إبلاغ الرسالة، والإعلام الواضح في أن اللّه واحد لا شريك له..

(١) - في ظلال القرآن، ج ٥، ص : ٢٩٦١


الصفحة التالية
Icon