٢ - «وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ »
" فهذه الشمس تسير في مدار محدود لها، وتتحرك فى فلك لا تتعداه ولا تخرج عنه.. وذلك بتقدير « العزيز » ذي العزة والسلطان « العليم » الذي تجرى أحكامه ومقاديره بعلم نافذ إلى كل شيء، متمكن من كل كبيرة وصغيرة فى هذا الوجود. وجريان الشمس، هو حركتها فى فلكها المرسوم لها. وهى تقطع دورة هذا الفلك فى سنة كاملة، وفى سرعة مذهلة."
أي وآية مستقلة دالة على قدرته تعالى : دوران الشمس في فلكها إلى نهاية مدارها، وذلك الدوران تقدير من اللّه القاهر الغالب كل شيء، المحيط علمه بكل شيء. وهناك قولان للمفسرين في تفسير المستقر :
الأول - أن المراد مستقرها المكاني وهو تحت العرش مما يلي الأرض من ذلك الجانب، وهي أينما كانت فهي وجميع المخلوقات تحت العرش.
والثاني - أن المراد مستقرها الزماني وهو منتهى سيرها، وهو يوم القيامة (١).
وقد أثبت علماء الفلك أنه زيادة على دوران الشمس الظاهري وسط النجوم بسبب دوران الأرض حول الشمس مرة في السنة، للشمس حركتان أخريان: دورة حول محورها مرة في كل ست وعشرين يوما تقريبا، ودورة مع توابعها من الكواكب السيارة حول مركز النظام النجومي بسرعة تقدر بنحو مائتي ميل في الثانية. والمستقر في رأي العلماء في الحالة الأولى : هو المحور الثابت، وفي الثانية : هو مركز النظام النجومي بأسره.
٣ - « وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ »
" أي أن القمر يأخذ كل ليلة منزلا من الأرض، على مدى شهر قمرى، ففى أوسط منازله يبدو قمرا منيرا، يغمر نور الشمس وجهه كله المواجه للأرض، المتوسطة بينه وبين الشمس، فيرى بدرا كاملا، ثم يرجع إلى الوراء منزلة كل ليلة، وذلك لبطء دورانه عن دوران الأرض، فيقلّ مع كل ليلة أو منزلة، الوجه

(١) - تفسير ابن كثير : ٣/ ٥٧١ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon