الْمَشْحُونِ أى : في السفينة المملوءة بالأمتعة والحيوانات، التي أمره اللّه أن يحمل فيها من كل زوجين اثنين " (١)
" فالآيتان الكريمتان تصوران مظاهر قدرة اللّه ورحمته بعباده أكمل تصوير وذلك لأن السفن التي تجرى في البحر - مهما عظمت - تصير عند ما تشتد أمواجه في حالة شديدة من الاضطراب، ويغشى الراكبين فيها من الهول والفزع ما يغشاهم، وفي تلك الظروف العصيبة لا نجاة لهم مما هم فيه إلا عن طريق رعاية اللّه - تعالى - ورحمته بهم. " (٢)
وفي الظلال :
"إنهم يكذبون الرسل، ولا يتدبرون مصارع المكذبين، ولا يدركون دلالة كونهم يذهبون ولا يرجعون.
والرسل إنما يدعونهم إلى اللّه. وكل ما في الوجود حولهم يحدثهم عن اللّه، ويدل عليه ويشهد بوجوده. وهذه هي الأرض القريبة منهم، يرونها ميتة لا حياة فيها، ولا ماء ينشئ الحياة ثم يرونها حية تنبت الحب، وتزدان بالجنات من نخيل وأعناب، وتتفجر فيها العيون، فتجري بالحياة حيث تجري.
والحياة معجزة لا تملك يد البشر أن تجريها إنما هي يد اللّه التي تجري المعجزات، وتبث روح الحياة في الموات. وإن رؤية الزرع النامي، والجنان الوارفة، والثمر اليانع، لتفتح العين والقلب على يد اللّه المبدعة، وهي تشق التربة عن النبتة المتطلعة للحرية والنور، وتنضر العود المستشرف للشمس والضياء، وتزين الغصن اللدن بالورق والثمار، وتفتح الزهرة وتنضج الثمرة، وتهيئها للجني والقطاف.. «لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ».. ويد اللّه هي التي أقدرتهم على العمل، كما أقدرت الزرع على الحياة والنماء! «أَفَلا يَشْكُرُونَ؟».

(١) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم لطنطاوي - (١٢ / ٣٥) وحاشية الجمل على الجلالين ج ٤ ص ٥١٥و تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٥٦٥.
(٢) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم لطنطاوي - (١٢ / ٣٧)


الصفحة التالية
Icon