ويشتهون، فمهما طلبوا وجدوا من جميع أصناف الملاذّ." أي لهم ما يشاءون، وما يطلبون، غير ما يقدّم إليهم من غير طلب.."
" وأطلقت الفاكهة من غير تحديد، لتشمل كل فاكهة، فيتخيرون منها ما يشاءون، كما يقول سبحانه :« وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ » (٢ : الواقعة)"
وقوله : لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ ولم يقل «يأكلون» إشارة إلى اختيارهم وملكهم وقدرتهم.
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - « إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ. يَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالُوا يَا رَبِّ وَأَىُّ شَىْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِى فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا » البخارى. (١)
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - : إِذَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ اللَّهُ : أَتَشْتَهُونَ شَيْئًا فَأَزِيدَكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا، وَمَا فَوْقَ مَا أَعْطَيْتَنَا ؟ قَالَ : فَيَقُولُ : بَلَى، رِضَايَ أَكْثَرُ. (٢)
وعَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ : تَلاَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - هَذِهِ الآيَةَ :﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس] قَالَ : إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ نَادَى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللهِ مَوْعِدًا يُحِبُّ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ، فَيَقُولُونَ : وَمَا هُوَ ؟ أَلَمْ يُثَقِّلِ اللَّهُ مَوَازِينَنَا وَيُبَيَّضْ وُجُوهَنَا وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَيُجِرْنَا مِنَ النَّارِ ؟ قَالَ : فَيُكْشَفُ الْحِجَابُ، فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ. (٣)
(٢) - صحيح ابن حبان - (١٦ / ٤٦٩) (٧٤٣٩) صحيح
(٣) - صحيح ابن حبان - (١٦ / ٤٧١) (٧٤٤١) صحيح
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : هَذِهِ الأَخْبَارُ فِي الرُّؤْيَةِ يَدْفَعُهَا مَنْ لَيْسَ الْعِلْمُ صِنَاعَتَهُ، وَغَيْرُ مُسْتَحِيلٍ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلاَ يُمَكِّنُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُخْتَارِينَ مِنْ عِبَادِهِ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رُؤْيَتِهِ، جَعَلْنَا اللَّهُ مِنْهُمْ بِفَضْلِهِ حَتَّى يَكُونَ فَرْقًا بَيْنَ الْكُفَّارِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْكِتَابُ يَنْطِقُ بِمِثْلِ السُّنَنِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا سَوَاءً قَوْلَهُ جَلَّ وَعَلاَ :﴿كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين]، فَلَمَّا أَثْبَتَ الْحِجَابَ عَنْهُ لِلْكُفَّارِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْكُفَّارِ لاَ يُحْجَبُونَ عَنْهُ، فَأَمَّا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلاَ خَلَقَ الْخَلْقَ فِيهَا لِلْفَنَاءِ فَمُسْتَحِيلٌ أَنْ يَرَى بِالْعَيْنِ الْفَانِيَةِ الشَّيْءَ الْبَاقِي، فَإِذَا أَنْشَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ، وَبَعَثَهُمْ مِنْ قُبُورِهِمْ لِلْبَقَاءِ فِي إِحْدَى الدَّارَيْنِ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ حِينَئِذٍ أَنْ يَرَى بِالْعَيْنِ الَّتِي خُلِقَتْ لِلْبَقَاءِ فِي الدَّارِ الْبَاقِيَةِ الشَّيْءَ الْبَاقِي لاَ يُنْكِرُ هَذَا الأَمْرَ إِلاَّ مَنْ جَهِلَ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ، وَمَنَعَ بِالرَّأْيِ الْمَنْكُوسِ وَالْقِيَاسِ الْمَنْحُوسِ. صحيح ابن حبان - (١٦ / ٤٧٧)