وبيان لموقفهم، وقطع لأعذارهم، وبيان لفضل اللّه عليهم، وقد كانوا يقولون : لو امتد بنا الأجل، وطال العمر لفعلنا كذا وكذا. فيقول اللّه لهم : أعميتم فلا تعقلون أنكم كلما دخلتم في السن وتقدمتم في العمر ضعفتم اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً وقد عمركم ربكم مقدارا يمكنكم فيه من العمل والتذكر أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ على أن الواجب أن تعلموا أنه كلما مر الزمان بكم وطال عمركم ازداد ضعفكم فإنه من يطل عمره انتكس خلقه وبدل سمعه صمما وبصره عمى وقوته ضعفا، ولذلك يقول اللّه : وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وقد تعوذ رسول اللّه - ﷺ - من أن يرد إلى أرذل العمر (١)..
التفسير والبيان :
يخبر اللّه تعالى عن حال الكفار يوم القيامة بتمييزهم عن المؤمنين في موقفهم، فيقول :« وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ » أي يقال للمجرمين الكافرين في الآخرة : تميزوا في موقفكم عن المؤمنين، كما قال تعالى في آية أخرى : وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً، ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا : مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ، فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ [يونس ١٠/ ٢٨] وقال سبحانه : وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ [الروم ٣٠/ ١٤] يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ [الروم ٣٠/ ٤٣] أي يصيرون صدعين فرقتين.
أو المراد : يمتاز المجرمون بعضهم عن بعض، فاليهود فرقة، والنصارى فرقة، والمجوس فرقة، والصابئون فرقة، وعبدة الأوثان فرقة، والماديون والملحدون فرقة، وهكذا.
وهذا زجر للكافرين، وردع لهم أن يكونوا بمحضر من هذا المقام الكريم الذي ينزله أصحاب الجنة، أو أن يروه بأعينهم..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَذَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ -، قَالَ الْأُسْتَاذُ : وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، فَلَمْ يَأْذَنْ فِي قِرَاءَةِ الْمَتْنِ، فَكَتَبَ الْمَتْنَ مِنْ كِتَابِهِ، وَكَانَ فِيهِ :" إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا

(١) - التفسير الواضح ـ موافقا للمطبوع - (٣ / ١٩٠)


الصفحة التالية
Icon