أَشْرَقَتْ بِنُورِهِمْ، وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، قَالَ : قُلْنَا لَهُمْ : دُونَكُمُ اللَّهُ، قَالُوا : لَا، ثُمَّ تَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ بِمِثْلَيْ مَنْ نَزَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَمِثْلَيْ مِنْ فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْأَرْضِ أَشْرَقَتْ بِنُورِهِمْ وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، ثُمَّ ذَكَرُوا نُزُولَ أَهْلِ كُلِّ سَمَاءٍ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّضْعِيفِ، ثُمَّ يَنْزِلُ الْجَبَّارُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةِ، وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ، وَهُوَ الْيَوْمُ، أَرْبَعَةُ أَقْدَامِهِمْ عَلَى نُجُومِ الْأَرْضِ السُّفْلَى، وَالْأَرْضُ إِلَى حُجَزِهِمْ، وَالْعَرْشُ عَلَى مَنَاكِبِهِمْ، لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ، يَقُولُونَ سُبْحَانَ ذِي الْعَرْشِ وَالْجَبَرُوتِ، سُبْحَانَ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، سُبْحَانَ الَّذِي يُمِيتُ الْخَلَائِقَ وَلَا يَمُوتُ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، سُبْحَانَ رَبِّنَا الْأَعْلَى رَبِّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ، الَّذِي يُمِيتُ الْخَلْقَ وَلَا يَمُوتُ. فَيَضَعُ اللَّهُ كُرْسِيَّهُ حَيْثُ شَاءَ مِنْ أَرْضِهِ، ثُمَّ يَهْتِفُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَائِلًا : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، إِنِّي قَدْ أَنْصَتُّ لَكُمْ مُذْ خَلَقْتُكُمْ إِلَى يَوْمِكُمْ هَذَا، أَسْمَعُ قَوْلَكُمْ، وَأُبْصِرُ أَعْمَالَكُمْ، فَاسْمَعُوا إِلَيَّ، فَإِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ وَصُحُفُكُمْ تُقْرَأُ عَلَيْكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ جَهَنَّمَ، فَيَخْرُجُ مِنْهَا عُنُقٌ سَاطِعٌ مُظْلِمٌ، ثُمَّ يَقُولُ : أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ، إِلَى قَوْلِهِ : وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ، فَيُمَيِّزُ اللَّهُ النَّاسَ، وَتَجْثُوا الْأُمَمُ، وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا، فَيَقْضِي اللَّهُ بَيْنَ خَلْقِهِ إِلَّا الثَّقَلَّيْنِ الْإِنْسَ وَالْجِنَّ، فَيَقْضِي بَيْنَ الْوَحْشِ وَالْبَهَائِمِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُقِيدُ لِلْجَمَّاءِ مِنْ ذَاتِ الْقَرْنِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْقَ تَبَعَةٌ عِنْدَ وَاحِدَةٍ لِلْأُخْرَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : كُونِي تُرَابًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ : يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا، فَيَقْضِي اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الْعِبَادِ، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَا يَقْضِي فِيهِ الدِّمَاءُ، فَيَأْتِي كُلُّ قَتِيلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَأْمُرُ اللَّهُ كُلَّ قَتِيلٍ فَيُحْمَلُ رَأْسَهُ، وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ، سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي ؟ فَيَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ : لِمَ قَتَلْتَهُ ؟ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ، قَتَلْتُهُ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ، فَيَقُولُ اللَّهُ : صَدَقْتَ، فَيَجْعَلُ اللَّهُ وَجْهَهُ مِثْلَ نُورِ الشَّمْسِ، ثُمَّ تُشَيِّعُهُ الْمَلَائِكَةُ