وحقا إذ عطلوا ما زودهم اللّه به وأضاعوا الفرصة ولم يسيروا في طريق الهدى والحق.
وينطوي في هذا إعذار وإنذار ربانيان للكفار، وحكمة ربانية سامية مستمرة الإلهام والتلقين وهي الدعوة إلى الانتفاع بالمواهب التي أودعها اللّه في الناس بالاستدلال على سبيل الحق والهدى والخير والسير فيها وعدم تعطيلها." (١)
وقال الشنقيطي:
" والمعنى : ولا يشرك الله جل وعلا أحداً في حكمه، بل الحكم له وحده جل وعلا لا حكم لغيره ألبتة، فالحلال ما أحله تعالى، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه. والقضاء ما قضاه. وقرأه ابن عامر من السبعة. « ولا تشرك » بضم التاء المثناة الفوقية وسكون الكاف بصيغة النهي، اي لا تشرك يا نبي الله. أو لا تشرك أيه المخاطب أحداً في حكم الله جل وعلا، بل أخلص الحكم لله من شوائب شرك غيره في الحكم. وحكمه جل وعلا المذكور في قوله :﴿ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾ شامل لكل ما يقضيه جل وعلا. ويدخل في ذلك التشريع دخولاً أولياً.
وما تضمنه هذه الآية الكريمة من كن الحكم لله وحده لا شريك له فيه على كلتا القراءتين جاء مبيناً في آيات أخر. كقوله تعالى :﴿ إِنِ الحكم إِلاَّ للَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ إِيَّاهُ ﴾ [ يوسف : ٤٠ ] وقوله تعالى :﴿ إِنِ الحكم إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ﴾ [ يوسف : ٦٧ ] الآية، وقوله تعالى :﴿ وَمَا اختلفتم فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى الله ﴾ [ الشورى : ١٠ ] الآية، وقوله تعالى :﴿ ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ الله وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فالحكم للَّهِ العلي الكبير ﴾ [ غافر : ١٢ ]، وقوله تعالى :﴿ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الحكم وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [ القصص : ٨٨ ]، وقوله تعالى :﴿ لَهُ الحمد فِي الأولى والآخرة وَلَهُ الحكم وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [ القصص : ٧٠ ]، وقوله :{ أَفَحُكْمَ الجاهلية يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْماً

(١) - التفسير الحديث لدروزة - (٣ / ٣٧)


الصفحة التالية
Icon