فِيمَا رُوِّينَا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ." وَقَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: فِي سُورَةِ زُلْزِلَتْ: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ [الزلزلة: ٤]، وَرُوِّينَا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ:" أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ وَأَمَةٍ بِمَا عَمِلُوا عَلَى ظَهْرِهَا فَتَقُولُ عَمِلَ كَذَا وَكَذَا فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ أَخْبَارُهَا"، وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ عَنْ سَيِّدِنَا الْمُصْطَفَى - ﷺ - عَلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَكَثِيرًا مِنْهُمْ يُحَاسَبُونَ حِسَابًا يَسِيرًا، وَكَثِيرًا مِنْهُمْ يُحَاسَبُونَ حِسَابًا شَدِيدًا" (١)
"فالمقصود بالآيتين الكريمتين تهديدهم على استمرارهم في كفرهم، وبيان أنهم تحت قدرة اللّه - تعالى - وفي قبضته، وأنه - سبحانه - قادر على أن يفعل بهم ما يشاء من طمس للأبصار، ومن مسخ للصور، ومن غير ذلك مما يريده - تعالى -. " (٢)
وفي الظلال :
" إنهم يتلقون التحقير والترذيل :«وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ».. انعزلوا هكذا بعيدا عن المؤمنين! «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ - يا بَنِي آدَمَ - أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ؟»..
ونداؤهم هنا «يا بَنِي آدَمَ».. فيه من التبكيت ما فيه. وقد أخرج الشيطان أباهم من الجنة ثم هم يعبدونه، وهو لهم عدو مبين.
«وَأَنِ اعْبُدُونِي».. «هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ».. واصل إليّ مؤد إلى رضاي.
فلم تحذروا عدوكم الذي أضل منكم أجيالا كثيرة.. «أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ؟».
وفي نهاية هذا الموقف العصيب المهين يعلن الجزاء الأليم، في تهكم وتأنيب :
«هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ»!

(١) - شعب الإيمان - (١ / ٤٢٤)
(٢) - التفسير الوسيط للقرآن الكريم لطنطاوي - (١٢ / ٤٩)


الصفحة التالية
Icon