جند معدون لهم محضرون لعذابهم لأنهم وقود للنار، وإذا كان الأمر كذلك فلا يهمنك أمرهم، ولا تحزن لتكذيبهم وأذاهم، إن ربك عالم بسرهم وعلنهم وسيجازيهم على أعمالهم. (١)
التفسير والبيان :
ينفي الحق تبارك وتعالى صفة الشعر عن القرآن، وخاصية الشاعرية عن الرسول - ﷺ -، فيقول :« وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ »..
ومناسبة هذه الآية لما قبلها أيضا، هو أنه وقد حملت الآيات الثلاث قبلها دعوة إلى المشركين أن يستبقوا الإيمان باللّه، وأن يبادروا باستعمال عقولهم والنظر بها إلى آيات اللّه قبل أن تذهب هذه العقول مع الزمن ـ فقد جاءت تلك الآية تلقاهم برسول اللّه، وبكتاب اللّه الذي معه، ليكون لمن انتفع بهذه الدعوة معاودة نظر إلى رسول اللّه، وإلى كتاب اللّه.. فالضمير فى قوله تعالى :« وَما عَلَّمْناهُ » يعود إلى الرسول الكريم، وهو وإن لم يجر له ذكر فى الآيات السابقة، فإنه مذكور ضمنا فى كل آية من آيات الكتاب، إذ كانت منزلة عليه..
فهذا رسول اللّه.. ليس بشاعر كما يقولون.. إنه لم يؤثر عنه شعر، ولم يكن ـ كما عرفوا منه ـ من بين شعرائهم.. فهذه تهمة ظالمة، يجب أن يبرئوا النبىّ منها، وأن يلقوه من جديد على أنه ليس بشاعر.
وهذا كتاب اللّه الذي بين يديه.. ليس من واردات الشعر ـ كما يزعمون زورا وبهتانا ـ بل هو « ذكر » يجد الناس من آياته وكلماته، ما يذكّرهم بإنسانيتهم، وبما ضيعوا من عقولهم فى التعامل مع الجهالات والضلالات، على خلاف الشعر، فإنه ـ فى غالبه ـ استرضاء للعواطف وتغطية على مواطن الرشد من العقول..
وهذا الكتاب هو « قُرْآنٌ مُبِينٌ » أي كتاب غير مغلق على قارئه، أو سامعه من قارئ له، بل هو واضح المعنى، بيّن القصد، فلا تعمّى على قارئه أو سامعه أنباء ما به.."