ولكنها في الواقع لا تقدر على شيء، ولا تحقق فائدة لعبادها، لذا قال تعالى مبينا خيبة أملهم :« لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ ». هو ردّ على معتقد المشركين فى آلهتهم.. فهؤلاء الآلهة الذين اتخذوهم من دون اللّه معبودين لهم، يرجون منهم نصرا ـ هؤلاء الآلهة لا يستطيعون لهم نصرا، بل وأكثر من هذا، فإن آلهتهم هذه، محتاجة إلى من يحرسها، ويدفع عنها يد المعتدين..
وهؤلاء المشركون هم أنفسهم، جند محضرون، يقومون على حماية هذه الآلهة، وحراستها، وحراسة ما تزيّن من به حلىّ، وما يلقى عليها من ملابس.. ـ فقوله تعالى :« وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ » ـ الضمير « هم » يعود إلى المشركين، وفى قوله تعالى :« مُحْضَرُونَ » ـ إشارة إلى أن هناك قوى مسلطة على هؤلاء المشركين، تجعل منهم جندا لخدمة هذه الآلهة.. وهذه القوى هى تلك المشاعر المتولدة من معتقدهم الفاسد، وتصورهم المريض، حيث تسوقهم هذه المشاعر الضالة، سوقا، إلى التزلّف لهذه الدّمى، والولاء الأعمى لها.."
وقوله : مُحْضَرُونَ أي يخدمونهم، ويدفعون عنهم، ويغضبون لهم، وليس للآلهة استطاعة على شيء، ولا قدرة على النصر. أو إنهم يوم القيامة محضرون لعذابهم، لأنهم يجعلونهم وقودا للنار.
ثم سلّى اللّه رسوله عما يلقاه من أذى المشركين، فقال :« فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ.. إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ ». هو عزاء كريم، للنبى الكريم، من ربّ كريم، مما يرميه به قومه من يذىء القول وساقطه.. « فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ » هذا الذي يقولونه عنك، من أنك كاذب، وشاعر، ومجنون، ولا يحزنك ما يقولونه فى آلهتهم، وأنها شفعاء لهم من دون اللّه
وفى قوله تعالى :« إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ ».. تهديد للمشركين، ووعيد لهم بالحساب الشديد، والعذاب الأليم، فاللّه سبحانه يعلم ما يسرون وما يعلنون، من كفر، وضلال، وبهتان، وهو سبحانه محاسبهم ومجازيهم عليه.."
ومضات عامة