وَالْعَمَلُ بِهَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِفَهْمِ الْعَرَبِيَّةِ الْفُصْحَى. وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. وَجَعَلَ اللهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ مُعْجِزًا لِلْبَشَرِ وَلَا تَقُومُ حُجَّتُهُ فِي هَذَا عَلَيْهِمْ إِلَّا بِفَهْمِهِ، وَلَا يُمْكِنُ فَهْمُهُ إِلَّا بِفَهْمِ الْعَرَبِيَّةِ الْفُصْحَى، فَمَعْرِفَةُ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ دِينِ الْإِسْلَامِ، نَدْعُو إِلَيْهَا جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ بِدُعَائِهِمْ إِلَى الْقُرْآنِ.
وَإِنَّنَا نَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مَا ضَعُفُوا وَزَالَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الْمُلْكِ الْوَاسِعِ إِلَّا بِإِعْرَاضِهِمْ عَنْ هِدَايَةِ الْقُرْآنِ، وَأَنَّهُ لَا يَعُودُ إِلَيْهِمْ بِشَيْءٍ مِمَّا فَقَدُوا مِنَ الْعِزِّ وَالسِّيَادَةِ وَالْكَرَامَةِ إِلَّا بِالرُّجُوعِ إِلَى هِدَايَتِهِ، وَالِاعْتِصَامِ بِحَبْلِهِ كَمَا يَرَوْنَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا فِي تَفْسِيرِ الْآيَاتِ الْكَرِيمَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ، وَلَا يَتِمُّ ذَلِكَ إِلَّا بِالِاتِّفَاقِ عَلَى إِحْيَاءِ لُغَتِهِ فَالدُّعَاءُ لَهُ دُعَاءٌ لَهَا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٨ : ٢٤ - ٢٦).
وَبِالشُّكْرِ تَدُومُ النِّعَمُ، وَكُفْرُهَا مَجْلَبَةٌ لِلنِّقَمِ، وَلِذَلِكَ أَرْشَدَنَا اللهُ فِي فَاتِحَةِ كِتَابِهِ إِلَى الدُّعَاءِ بِأَنْ يَهْدِيَنَا صِرَاطَ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ مِنَ الشَّاكِرِينَ، وَهَا نَحْنُ أُولَاءِ نَبْدَأُ بِالْمَقْصُودِ بِعَوْنِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. " (١)
===============

(١) - تفسير المنار لمحمد رشيد رضا - (١ / ١٧-٢٧) وانظر التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (٥ / ٥٨٦) حول كلامه الأخير


الصفحة التالية
Icon