المطلب الثاني
مناسبتها لما قبلها
قال الخطيب :" جاء فى الآيات التي ختمت بها سورة « فاطر » السابقة قوله تعالى :« وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ، فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً » ثم جاءت الآيات الثلاث التي تلت هذه الآية والتي ختمت بها السورة ـ تعقيبا على تلك الآية، وبيانا لموقف المشركين من هذا القسم الذي أقسموه..
وقد بدئت سورة « يس » بالقسم بالقرآن الكريم، الذي جاءهم النبىّ الكريم به، ثم وقوع هذا القسم على الإخبار بأن محمدا هو رسول اللّه، وأنه على صراط مستقيم، وأن تكذيب المشركين له، ورفضهم لدعوته، لم يكن إلا عن ضلال وعمى، وإلا عن استكبار وحسد.. لقد كانوا يتمنون أن يبعث اللّه فيهم رسولا، وأن يأتيهم بكتاب، مثل كتب أهل الكتاب، وها هو ذا الرسول، والكتاب.. فماذا هم فاعلون ؟ ستكشف الأيام عن جواب هذا السؤال.. " (١)
وفي التفسير المنير :" تظهر صلة هذه السورة بما قبلها من وجوه ثلاثة :
١ - بعد أن ذكر تعالى في سورة فاطر قوله : وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ [٣٧] وقوله : وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ، لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ، فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ [٤٢] والمراد به محمد - ﷺ -، وقد أعرضوا عنه وكذبوه، افتتح هذه السورة بالقسم على صحة رسالته، وأنه على صراط مستقيم، وأنه أرسل لينذر قوما ما أنذر آباؤهم.
٢ - هناك تشابه بين السورتين في إيراد بعض أدلة القدرة الإلهية الكونية، فقال تعالى في سورة فاطر : وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى [١٣]

(١) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١١ / ٩٠٤)


الصفحة التالية
Icon