وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } [ آل عِمْرَان : ٥٤ ]. وهم - من غاية تعمّقهم في جهلهم - لا يحسون بذلك الأمر الظاهر. (١)
﴿ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً ﴾ [ البقرة : ١٠ ] بأن طبع على قلوبهم، لعلمه تعالى بأنه لا يؤثر فيها التذكير و الإنذار. وقال القاشاني : أي : مرضاً آخر - حقداً وحسداً وغلاًّ - بإعلاء كلمة الدين، ونصرة الرسول والمؤمنين - ثم قال : والرذائل كلها أمراض القلوب، لأنها أسباب ضعفها وآفتها في أفعالها الخاصة، وهلاكها في العاقبة. (٢)
وقوله :﴿ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾ [ الكهف : ١٠٤ ].
وقال القاشاني كانوا يرون الصلاح في تحصيل المعاش، وتيسير أسبابه، وتنظيم أمور الدنيا - لأنفسهم خاصة - لتوغّلهم في محبة الدنيا، وانهماكهم في اللذات البدنية، واحتجابهم - بالمنافع الجزئية، والملاذّ الحسية - عن المصالح العامة الكلّية، واللذات العقلية، وبذلك يتيسر مرادهم، ويتسهل مطلوبهم، وهم لا يحسون بإفسادهم المدرك بالحس. (٣)
وهذا آخر نقل عنه :
"وقوله تعالى :﴿ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّين َ *الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ قال ابن جرير : أي : لاهُون يتغافلون عنها وذلك باللهو عنها والتشاغل بغيرها، وتضييعها أحياناً وتضييع وقتها أخرى. وقال القاشانيّ : أي : فويل لهم، أي : للموصوفين بهذه الصفات، من دعِّ اليتيم وعدم الحث على طعام المسكين الذي إن صلَّوا غفلوا عن صلاتهم لاحتجابهم عن حقيقتها بجهلهم وعدم حضورهم. والمصلين من باب وضع الظاهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بأن أشرف أفعالهم وصور حسناتهم
(٢) - محاسن التأويل تفسير القاسمي - (١ / ٤٢)
(٣) - محاسن التأويل تفسير القاسمي - (١ / ٤٤)