المشاهد مؤثرات أخرى تلمس الوجدان الإنساني وتوقظه : منها صورة المكذبين الذين حقت عليهم كلمة اللّه بكفرهم فلم تعد تنفعهم الآيات والنذر :«إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ». ومنها صورة نفوسهم في سرهم وفي علانيتهم مكشوفة لعلم اللّه لا يداريها منه ستار.. ومنها تصوير وسيلة الخلق بكلمة لا تزيد :«إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ : كُنْ. فَيَكُونُ».. وكلها مؤثرات تلمس القلب البشري وهو يرى مصداقها في واقع الوجود.
ويجري سياق السورة في عرض موضوعاتها في ثلاثة أشواط :
يبدأ الشوط الأول بالقسم بالحرفين :«يا. سين» وبالقرآن الحكيم، على رسالة النبي - ﷺ - وأنه على صراط مستقيم. يتلو ذلك الكشف عن النهاية البائسة للغافلين الذين يكذبون. وهي حكم اللّه عليهم بألا يجدوا إلى الهداية سبيلا، وأن يحال بينهم وبينها أبدا. وبيان أن الإنذار إنما ينفع من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فاستعد قلبه لاستقبال دلائل الهدى وموحيات الإيمان.. ثم يوجه رسول اللّه - ﷺ - إلى أن يضرب لهم مثلا أصحاب القرية، فيقص قصة التكذيب وعاقبة المكذبين. كما يعرض طبيعة الإيمان في قلب الرجل المؤمن وعاقبة الإيمان والتصديق
ومن ثم يبدأ الشوط الثاني بنداء الحسرة على العباد الذين ما يفتأون يكذبون كل رسول ويستهزئون به. غير معتبرين بمصارع المكذبين، ولا متيقظين لآيات اللّه في الكون وهي كثير.. وهنا يعرض تلك المشاهد الكونية التي سبقت الإشارة إليها في تقديم السورة، كما يعرض مشهدا مطولا من مشاهد القيامة فيه الكثير من التفصيل.
والشوط الثالث يكاد يلخص موضوعات السورة كلها. فينفي في أوله أن ما جاء به محمد - ﷺ - شعر، وينفي عن الرسول كل علاقة بالشعر أصلا. ثم يعرض بعض المشاهد واللمسات الدالة على الألوهية المتفردة، وينعى عليهم اتخاذ آلهة من دون اللّه يبتغون عندهم النصر وهم الذين يقومون بحماية تلك الآلهة المدعاة!.