المطلب الخامس
حكم قراءتها على الأموات
"ذهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى نَدْبِ قِرَاءَةِ سُورَةِ يس عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ، لِقَوْل النَّبِيِّ - ﷺ - :« اقْرَءُوا (يس) عَلَى مَوْتَاكُمْ ». أَيْ مَنْ حَضَرَهُ مُقَدِّمَاتُ الْمَوْتِ.
كَمَا ذَهَبُوا إِلَى اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ، لِمَا رُوِيَ عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ اللَّجْلَاجِ، عَنْ أَبِيهِ ؛ قَالَ : قَالَ [ لِي ] أَبِي : يَا بُنَيَّ ! إِذَا مُتُّ ؛ فَضَعْنِي فِي اللَّحْدِ، وَقُلْ : بِسْمِ اللهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ - ﷺ -، وَسُنَّ عَلَيَّ التُّرَابَ سَنًّا، وَاقْرَأْ عِنْدَ رَأْسِي بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتِهَا ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ ذَلِكَ" (١).
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى كَرَاهَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ وَعَلَى الْقَبْرِ (٢)
وفيها أيضاً :" اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّهُ لاَ تُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ بَل تُسْتَحَبُّ، لِمَا رَوَى أَنَسٌ مَرْفُوعًا قَال : مَنْ دَخَل الْمَقَابِرَ فَقَرَأَ فِيهَا يس خَفَّفَ عَنْهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَكَانَ لَهُ بِعَدَدِهِمْ حَسَنَاتٌ، وَصَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَوْصَى إذَا دُفِنَ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتِهَا.
قَال الشَّافِعِيَّةُ : يَقْرَأُ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ. لَكِنْ رَجَّحَ الدُّسُوقِيُّ الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا.
وقَال الْقَلْيُوبِيُّ : وَمِمَّا وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ أَنَّهُ مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الإِْخْلاَصِ إحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً وَأَهْدَى ثَوَابَهَا إلَى الْجَبَّانَةِ غُفِرَ لَهُ ذُنُوبٌ بِعَدَدِ الْمَوْتَى فِيهَا.
وَرَوَى السَّلَفُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ يُعْطَى لَهُ مِنَ الأَْجْرِ بِعَدَدِ الأَْمْوَاتِ.

(١) - المجالسة وجواهر العلم - (٣ / ١٢٨) (٧٥٧ ) صحيح
(٢) - الموسوعة الفقهية الكويتية - (ج ٣٣ / ص ٥٩) وحاشية ابن عابدين ١ / ٦٠٥، ٦٠٧، والقليوبي وعميرة ١ / ٣٥١، وكشاف القناع ٢ / ١٤٧ وحاشية الدسوقي ١ / ٤٢٣، والشرح الصغير ١ / ٢٢٨.


الصفحة التالية
Icon