قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً " (١)
وعن جَابِرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ -، قَالَ :" أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي : نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً " (٢)
لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ أي لقد وجب العذاب على أكثر أهل مكة، وهو ما سجّل عليهم في أم الكتاب أنهم لا يؤمنون بالقرآن وبمحمد - ﷺ -، وهم الذين علم اللّه أنهم يموتون على الكفر، ويصرون عليه طوال حياتهم.
وقد صدق ما أخبر به القرآن، ووقع كما أخبر به.. فإن أكثر هؤلاء المشركين الذين شهدوا مطالع الدعوة الإسلامية، لم يدخلوا فى الإسلام، فإنه خلال ثلاث وعشرين سنة ـ وهى مدة الرسالة الإسلامية ـ مات كثير من هؤلاء المشركين على شركه، ومن لم يمت منهم على فراش الموت مات قتيلا فى ميدان القتال مع المسلمين..
ومن امتدّ به الأجل وأدرك الفتح، ودخل فى دين اللّه مع الداخلين ـ ظل ممسكا بشركه فى صدره، حتى مات عليه، أو مات فى حروب الردّة مع المرتدّين.. (٣)
والمراد بالقول : الحكم والقضاء الأزلي، وهو سبق علم اللّه بنهاياتهم، لا بطريق الجبر والإلجاء، بل باختيارهم وإصرارهم على الكفر، وفي هذا تطمين للنبي - ﷺ - حتى لا يجزع ولا يأسف على عدم إيمانهم به.

(١) - صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ (٣٣٥ )
(٢) - صَحِيحُ ابْنِ حِبَّانَ (٦٥٠٤ ) صحيح
(٣) - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (١١ / ٩٠٧)


الصفحة التالية
Icon