فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ فَخَطَبَ فَقَالَ:" ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلْقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾ [النساء: ١] الْآيَةُ، ثُمَّ قَالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ﴾ [الحشر: ١٨] الْآيَةُ، تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ"، حَتَّى قَالَ:" وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ" قَالَ: وَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ، قَدْ كَادَتْ كَفُّهُ أَنْ تَعْجِزَ عَنْهَا بَلْ قَدْ عَجِزَتْ عَنْهَا فَدَفَعَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - ﷺ -، فَتَتَابَعَ النَّاسُ فِي الصَّدَقَاتِ، فَرَأَيْتُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، وَجَعَلَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ - ﷺ - يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، وَقَالَ:" مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سَنَةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ" أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ (١)
وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، عَنِ النَّبِيِّ - ﷺ - قَالَ :" مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا مَا عُمِلَ بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ حَتَّى تُتْرَكَ، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ إِثْمُهَا حَتَّى تُتْرَكَ، وَمَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُ الْمُرَابِطِ حَتَّى يُبْعَثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ (٢)
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - ﷺ - قَالَ « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ » رواه مسلم. (٣)
ثم ذكر تعالى أن كتابة الآثار لا تقتصر على الناس، وإنما تتناول جميع الأشياء، فقال : وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ أي لقد ضبطنا وأحصينا كل شيء من أعمال العباد وغيرهم في أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ الذي سجّل فيه جميع ما
(٢) - المعجم الكبير للطبراني - (١٥ / ٤٥٠) (١٧٦٤٥ ) حسن
(٣) - صحيح مسلم(٤٣١٠ )