والبارىء الموجد من العدم على مقتضى الخلق والتقدير، وليس كل من قدر شيئاً أوجده إلا الله.
والمصور المشكل لكل موجود على الصورة التي أوجده عليها، ولم يفرد كل فرد من موجوداته على صورة تختص به إلا الله سبحانه وتعالى، كما هو موجود في خلق الله للإنسان والحيوان والنبات كل في صورة تخصه.
وبالرجوع مرة أخرى إلى أول السياق، فإن الخلق والتقدير لا بد أن يكون بموجب العلم سواء كان في الحاضر المشاهد أو للمستقبل الغائب، وهذا لا يكون إلا لله وحده عالم الغيب والشهادة، فكان تقديره بموجب علمه والملك القدوس القادر على التصرف في ملكه يوجد ما يقدره.
والمهيمن: يسير ما يوجده على مقتضى ما يقدره.
والذي قدر فهدى، العزيز الذي لا يقهر الجبار الذي يقهر كل شيء لإرادته، وتقديره، ويخضعه لهيمنته.
المتكبر الذي لا يتطاول لكبريائه مخلوق، وأكبر من أن يشاركه غيره في صفاته، تكبر عن أن يماثله غيره أو يشاركه أحد فيما اختص به سبحان الله عما يشركون.
وفي نهاية السياق إقامة البرهان الملزم وانتزاع الاعتراف والتسليم، ﴿هُوَ ؟للَّهُ ؟لْخَـ؟لِقُ ؟لْبَارِىءُ ؟لْمُصَوِّرُ﴾ وهو أعظم دليل كما تقدم، وهو كما قال: دليل الإلزام، لأن الخلق لا بد لهم من خالق، وهذه قضية منطقية مسلمة، وهي أن كل موجود لا بد له من موجد، وقد ألزمهم في قوله تعالى؟: ﴿أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ ؟لْخَـ؟لِقُونَ﴾، وهذا بالسير، والتقسيم أن يقال: إما خلقوا من غير شيء خلقهم أي من العدم، ومعلوم أن العدم لا يخلق شيئاً لأن فاقد الشيء لا يعطيه، والعدم ليس أمراً وجودياً حتى يمكن له أن يوجد موجوداً.
أم هم الخالقون؟
وهم أيضاً يعلمون من أنفسهم أنهم لم يخلقوا أنفسهم، فيبقى المخلوق لا بد له من خالق، وهو الله تعالى: الخالق البارىء.