ثالثاً: قوله تعالى؟ في حق نبي الله داود عليه السلام: ﴿وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ؟لْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَ؟لطَّيْرَ﴾ وقوله تعالى؟: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا ؟لجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِ؟لْعَشِىِّ وَ؟لإِشْرَاقِ﴾، فلو كان تسبيحها معه تسبيح دلالة كما يقولون، لما كان لداود عليه السلام خصوصية على غيره.
رابعاً: أخبر الله تعالى أن لهذه العوالم كلها إدراكاً تاماً كإدراك الإنسان أو أشد منه، قال تعالى عن السماوات والأرض والجبال: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا ؟لاٌّمَانَةَ عَلَى ؟لسَّمَـ؟وَ؟تِ وَ؟لاٌّرْضِ وَ؟لْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا ؟لإِنْسَـ؟نُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾، فأثبت تعالى لهذه العوالم إدراكاً وإشفاقاً من تحمل الأمانة، بينما سجل على الإنسان ظلماً وجهالة في تحمله إياها، ولم يكن هذا العرض مجرد تسخير، ولا هذا الإباء مجرد سلبية، بل عن إدراك تام، كما في قوله تعالى؟: ﴿ثُمَّ ؟سْتَوَى؟ إِلَى ؟لسَّمَآءِ وَهِىَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلاٌّرْضِ ؟ئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ﴾، فهما طائفتان لله، وهما يأبين أن يحملن الأمانة إشفاقاً منها.
وفي أواخر هذه السورة الكريمة سورة الحشر، قوله تعالى؟: ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَـ؟ذَا ؟لْقُرْءَانَ عَلَى؟ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَـ؟شِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ؟للَّهِ﴾ ومثله قوله تعالى؟: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذ؟لِكَ فَهِىَ كَ؟لْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ ؟لْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ؟لأَنْهَـ؟رُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ ؟لْمَآءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ؟للَّهِ﴾ وهذا هو عين الإدراك أشد من إدراك الإنسان.