إن مما هو معلوم عرفا وموجود فعلا فى فن التآليف أنه لايتأتى من أى شخص أن يكمل كتابا لغيره ويكون على المنهج الذى ابتدى به مهما كان ذلك الشخص من حيث القدرة العلمية ومهما كان بينهما من تقارب في الفهم اللهم إلا النادرالفذ كتفسيرالجلالين مثلا وقد ساعد على تناسقهما إيجازه الذى لايظهر معه الفرق عادة لأنه من المعلوم أن لكل شخص منهجه الخاص ومشربه الذاتى ومسلكه العلمى وهذاواضح في التفاسير المستقلة.
وقد سمعت الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه كلمة توضح هذاالمعنى حينما كنت أصحح عليه مذكرة أصول الفقه التى كان أملاها أثناء الدراسة لتقدم للطبع فكان يتوقف عند بعض العبارات ويقول:
لوأن الإنسان يكتب من تلقاء نفسه لكان أيسر من التزامه بكتاب لغيره له وجهة نظره ولايتأتى الخروج عليه.
إذا من العسير جدا أو المتعذر فعلا أن يأتى أحد بمنهج الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه ولاسيما مع ماأعطاه الله من سعة العلوم في عدة فنون كالمتخصص في كل فن.
وقد اشتغل بتفسيرالقرآن على أوسع مجال في المملكة حوالى ثلاثين سنة تقريبا وفسر القرآن في المسجد النبوي وحده ثلاث مرات تقريبا وقد سمعته يقول :
مامن آية في المصحف إلا وعندي عنها ماقيل فيها وقد ظهر ذلك جليا في أضواء البيان بحمد الله.
وقد صور هذا بعض تلامذته وبنى عمومته في مرثية له فيه إذ يقول فيها:
بكت المثاني ترجمان بيانها**حاميمها تبكي عليه وصاد
وكذاالمعاني كالمثاني تواكلا**أماتها تبكي وتبكي الضاد
هذا البيان وهذه أضواؤه**عزت لغير الشيخ لا تنقاد
قل للذي يرتاضها لاتحسبن**أن البيان صحيفة ومداد
عجبوا ولاعجب فتلك حقيقة**إن البيان بصيرة وفؤاد
يامبدعامعنى البيان ومبديا** عجبا به، ختمت به الأمجاد
إن المعانى بعد ما ألفتها**وتألفت ليصيدها المصطاد
تخشى بفقدك أن تعود شواردا**بددافمايدرون كيف تصاد
ولعل في ذلك العذر الشافي والأعتذار الكافي.


الصفحة التالية
Icon