وقد علم الله ـ جل وعلا في سابق علمه ـ أنه يأتي ناس يغتصبون أموال الناس بدعوى أن هذا فقير، وهذا غني، وقد نهى جل وعلا عن اتباع الهوى بتلك الدعوى، وأوعد من لم ينته عن ذلك بقوله تعالى؟: ﴿إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَ؟للَّهُ أَوْلَى؟ بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ ؟لْهَوَى؟ أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ ؟للَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ وفي قوله: ﴿فَإِنَّ ؟للَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً﴾ وعيد شديد لمن فعل ذلك. انتهى حرفياً.
والحق أن الأرزاق قسمة الخلاق، فهو أرأف بالعباد من أنفسهم، وليس في خزائنه من نقص ولكنها الحكمة لمصلحة عباده، وفي الحديث القدسي: "إن من عبادي لمن يصلح له الفقر، ولو أغنيته لفسد حاله، وإن من عبادي لمن يصلح له الغنى ولو أفقرته لفسد حاله" فهو سبحانه يعطي بقدر، ولا يمسك عن قتر.
ويكفي في هذا المقام سياق الآية الكريمة التي تكلم الشيخ رحمة الله تعالى عليه في أسلوبها في قوله تعالى؟: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا﴾ وهذا الضمير معلوم أنه للتعظيم والتفخيم، ومثله الضمير في قسمنا، فلا مجال لتدخل المخلوق، ولا مكان لغير الله تعالى في ذلك. والقسمة إذا كانت من الله تعالى، فلا تقوى قوة في الأرض على إبطالها، ثم إن واقع الحياة يؤيد ذلك بل ويتوقف عليه، كما قال تعالى ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـ؟تٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً﴾.