ثانيهما: ألا يعلم حكمه بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم، وفي هذا القسم أربعة أقوال:
أولها: الوجوب. عملاً بالأحوط، وهو قول أبي حنيفة وبعض الشافعية، ورواية عن أحمد.
ثانيها: الندب، لرجحان الفعل على الترك، وهو قول بعض الشافعية، ورواية عن أحمد أيضاً.
ثالثها: الإباحة، لأنها المتيقن، ولكن هذا فيما لا قربة فيه، إذ القرب لا توصف بالإباحة.
رابعها: التوقف، لعدم معرفة المراد، وهو قول المعتزلة، وهذا أضعف الأقوال، لأن التوقف ليس فيه تأس.
فتحصل لنا من هذه الأقوال الأربعة أن الصحيح الفعل تأسياً برسول الله ﷺ وجوباً أو ندباً، ومثلوا لهذا الفعل بخلعه ﷺ نعله في الصلاة، فخلع الصحابة كلهم نعالهم، فلما انتهى ﷺ سألهم عن خلعهم نعالهم قالوا: رأيناك فعلت ففعلنا، فقال لهم: "أتاني جبريل وأخبرني أن في نعلي أذى فخلعتها"، فإنه أقرهم على خلعهم تأسياً به. ولم يعب عليهم مع أنهم لم يعلموا الحكم قبل إخباره إياهم. وقد جاء هنا ﴿وَمَآ ءَاتَـ؟كُمُ﴾ بصيغة العموم.
وقال الشيخ رحمه الله في دفع الإيهام في سورة الأنفال عند قوله تعالى؟: ﴿يأَيُّهَا ؟لَّذِينَ ءَامَنُواْ ؟سْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾، ما نصه: وهذه الآية تدل بظاهرها على أن الاستجابة للرسول التي هي طاعته لا تجب إلا إذا دعانا لما يحيينا، ونظيرها قوله تعالى؟: ﴿وَلاَ يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ﴾.
وقد جاء في آيات أخر ما يدل على وجوب اتباعه مطلقاً من غير قيد، كقوله: ﴿وَمَآ ءَاتَـ؟كُمُ ؟لرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـ؟كُمْ عَنْهُ فَ؟نتَهُواْ﴾ وقوله: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ؟للَّهَ فَ؟تَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ؟للَّهُ﴾، ﴿مَّنْ يُطِعِ ؟لرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ؟للَّهَ﴾.