وقال الشيخ رحمه الله عند هذه الآية في سورة النساء: أمر الله في هذه الآية الكريمة بأن كل شيء تنازع فيه الناس من أصول الدين وفروعه، أن يرد التنازع في ذلك إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لأنه تعالى قال: ﴿مَّنْ يُطِعِ ؟لرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ؟للَّهَ﴾ انتهى.
فاتضح بهذا كله أن ما أتانا به ﷺ فهو من عند الله، وأنه بمنزلة القرآن في التشريع، وأن السنة تستقل بالتشريع كما جاءت بتحريم لحوم الحمر الأهلية. وكل ذي مخلب من الطير وناب من السباع، وبتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، أو هي مع ابنة أخيها أو ابنة أختها ونحو ذلك، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا ألفين أحدكم على أريكة أهله يقول: ما وجدنا في كتاب الله أخذناه، وما لم نجده في كتاب الله تركناه، ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه".
والنص هنا عام في الأخذ بكل ما أتانا به، وترك ما نهانا عنه، وقد جاء تخصيص هذا العموم في قوله تعالى؟: ﴿لاَ يُكَلِّفُ ؟للَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾، وقوله: ﴿لَّيْسَ عَلَى ؟لاٌّعْمَى؟ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ؟لاٌّعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ؟لْمَرِيضِ حَرَجٌ﴾ وقوله تعالى؟:﴿رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا﴾.
وجاء الحديث ففرق بين عموم النهي في قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فانتهوا" وقد جاء هذا التذييل على هذه الآية بقوله تعالى؟: ﴿وَ؟تَّقُواْ ؟للَّهَ إِنَّ ؟للَّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ﴾ إيذاناً بأن هذا التكليف لا هوادة فيه، وأنه ملزم للأمة سراً وعلناً، وأن من خالف شيئاً منه يتوجه إليه هذا الإنذار الشديد، لأن معصيته معصية لله، وطاعته من طاعة الله ﴿مَّنْ يُطِعِ ؟لرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ؟للَّهَ﴾ ولعلم عند الله تعالى.