والتقوى دائماً هي الدافع على كل خير، الرادع عن كل شر، روى ابن كثير في تفسيره عن الإمام أحمد في مجيء قوم من مضر، مجتابي الثمار والعباءة. حفاة عراة متقلدي السيوف. فيتمعّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً ينادي للصلاة، فصلَّى ثم خطب الناس وقرأ قوله تعالى؟: ﴿يَـ؟أَيُّهَا ؟لنَّاسُ ؟تَّقُواْ رَبَّكُمُ ؟لَّذِى خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَ؟حِدَةٍ﴾ إلى آخر الآية، وقرأ الآية التي في سورة الحشر: ﴿ي؟أَيُّهَا ؟لَّذِينَ ءَامَنُواْ ؟تَّقُواْ ؟للَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾، تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره حتى قال: ولو بشق تمرة، قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت ثم تتابع الناس إلى قوله: حتى رأيت رسول الله ﷺ يتهلل وجهه كأنه مذهبة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها يعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء" الحديث.
فكانت التقوى دافعاً على سنّ سنَّة حسنة تهلل لها وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أنها تحول دون الشر، من ذلك قوله تعالى؟: ﴿وَلْيُمْلِلِ ؟لَّذِى عَلَيْهِ ؟لْحَقُّ وَلْيَتَّقِ ؟للَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً﴾، وقوله: ﴿فَلْيُؤَدِّ ؟لَّذِى ؟ؤْتُمِنَ أَمَـ؟نَتَهُ وَلْيَتَّقِ ؟للَّهَ رَبَّهُ﴾، فإن التقوى مانعة من بخس الحق ومن ضياع الأمانة، وكقوله عن مريم في طهرها وعفتها لما أتاها جبريل وتمثل لها بشراً سوياً: ﴿قَالَتْ إِنِّى؟ أَعُوذُ بِ؟لرَّحْمَـ؟نِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً﴾.
وكما في حديث النفر الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى الغار، ومنهم الرجل مع ابنة عمه لما قالت له: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقام عنها وترك لها المال.