وقال: قد مات جماعة عند سماع آيات منه أفردوا بالتصنيف، وقد ينشأ هنا سؤال كيف يكون هذا تأثير القرآن لو أنزل على الجبال ولم تتأثر به القلوب، وقد أجاب القرآن عن ذلك في قوله تعالى؟: ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِّن بَعْدِ ذ؟لِكَ فَهِىَ كَ؟لْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾، وكذلك أصموا آذانهم عن سماعه وغلفوا قلوبهم بالكفر عن فهمه، وأوصدوها بأقفالها فقالوا: قلوبنا غلف. وكذلك قوله تعالى؟: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِأايِـ؟تِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِىَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى؟ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِى ءَاذَانِهِمْ وَقْراً﴾ أي: بسبب الإعراض وعدم التدبر والنسيان، ولذا قال تعالى عنهم: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ؟لْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى؟ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ﴾ فهذه أسباب عدم تأثر الكفار بالقرآن كما قال الشاعر: إذا لم يكن للمرء عين صحيحة فلا غرو أن يرتاب والصبح مسفر﴿
ويفهم منه بمفهوم المخالفة أن المؤمنين تخشع قلوبهم وتلين جلودهم، كما نص تعالى عليه بقوله تعالى؟: {؟للَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ؟لْحَدِيثِ كِتَـ؟باً مُّتَشَـ؟بِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ ؟لَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى؟ ذِكْرِ ؟للَّهِ ذَلِكَ هُدَى ؟للَّهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَآءُ﴾
وقوله تعالى؟: ﴿لَوْ أَنزَلْنَا﴾ يدل على أنه لم ينزله على جبل ولم يتصدع منه.
وقد جاء في القرآن ما يدل عليه: لو أنزله، من ذلك قوله تعالى؟: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا ؟لاٌّمَانَةَ عَلَى ؟لسَّمَـ؟وَ؟تِ وَ؟لاٌّرْضِ وَ؟لْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا﴾.
وهذا نص صريح لأن الجبال أشفقت من حمل الأمانة وهي أمانة التكليف بمقتضى خطاب الله تعالى إياها.
فإذا كانت الجبال أشفقت لمجرد العرض عليها فكيف بها لو أنزل عليها وكلفت به.


الصفحة التالية
Icon