والمثل: عبارة عن قول في شيء يشبه قولاً في شيء آخر بينهما مشابهة ليبين أحدهما الآخر ويصوره، نحو قولهم: الصيف ضيعت اللبن، فإن هذا القول يشبه قولك: أهملت وقت الإمكان أمرك، وعلى هذا الوجه ما ضرب الله تعالى من الأمثال فقال: ﴿وَتِلْكَ ؟لاٌّمْثَـ؟لُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
وفي آية أخرى: ﴿وَتِلْكَ ؟لاٌّمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ؟لْعَـ؟لِمُونَ﴾.
والمثال يقال على وجهين:
أحدهما: بمعنى المثل نحو مشبه ومشبه به، قال بعضهم: وقد يعبر بهما عن وصف الشيء، نحو قوله تعالى؟: ﴿مَّثَلُ ؟لْجَنَّةِ ؟لَّتِى وُعِدَ ؟لْمُتَّقُونَ﴾.
والثاني: عبارة عن المشابهة لغيره في معنى من المعاني أي معنى كان، وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة.
وذلك أن الند يقال فيما يشارك في الجوهر فقط.
والشبه يقال فيما يشارك في الكيفية فقط.
والمساوي يقال فيما يشارك في الكمية فقط.
والشكل يقال فيما يشارك في القدر والمساحة فقط، والمثل عام في جميع ذلك.
ولهذا لما أراد الله تعالى نفي التشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ إلخ ا هـ.
فقوله في تعريف المثل. إنه عبارة عن قول في شيء يشبه قولاً في شيء آخر، بينهما مشابهة ليبين أحدهما الآخر ويصوره.
فإنهم اتفقوا على أن القول لا يتغير بل يحكي على ما قيل أولاً كقولهم: الصيف ضيعت اللبن بكسر التاء خطاباً للمؤنثة.
فلو قيل لرجل أهمل وقت الإمكان ثم راح يطلبه بعد فواته، لقلت له: الصيف ضيعت اللبن بكسر التاء على الحكاية.
وهذا مما يسمى الاستعارة التمثيلية من أبلغ الأساليب، وأكثر ما في القرآن من أمثلة إنما هو من قبيل التشبيه التمثيلي، وهو تشبيه صورة بصورة، وهو من أوضح أساليب البيان.


الصفحة التالية
Icon