وكذلكَ الرُّقا والتَعاويذُ تَستدعي قوةَ وهمَّةَ الفاعلِ وتأثيرَه وقبولَ المحلِّ للتأثير، فمتى تخلَّف الشِّفاءُ بهذه الرُّقا الشَّرعيَّة كان بخللٍ(١) في واحدٍ من هذين أو فيهما، ومتى وُجِدَا على وَجههما حَصَلَ التأثيرُ، فإذا أخذ القلبُ الرُّقا بقبولٍ تامٍ وكان للرَّاقي همَّةٌ مُؤَثِّرةٌ، ونفسٌ فَعّالةٌ، وقُوةٌ صَادقةٌ، وعَزيمةٌ تامَّةٌ، وإيمانٌ كاملٌ، وقلبٌ حاضرٌ، وبَصيرةٌ نافذةٌ = أثَّر في إزالةِ الدَّاءِ.
ويتعلَّقُ بهذا مَسألةُ الرُّقا بالقرآن، وهو جائزٌ، والأحاديث [ ](٢)، وأمَّا حديث: «الرُّقا والتمائم شِركٌ» ففيه جَوابَانِ:
أحدُهما: نسخُه، وإنَّما كان ذلك في أوَّل الأمر، لأنَّ الرُّقا مَظنَّة الشِّرك، فعُلِّق الحُكم بالمظنَّة، ثم عُلِّق بالحقيقة، لا سيَّما وكان في أوَّلِ الأمر القصدُ حَسم مَادة الشِّرك بالكليَّة، كما نُهي عن الشُّربِ في الظُّروفِ لأنَّها مَظنَّةُ السُّكْرِ، ثم رُخِّص فيها.
والثاني: أن يُحْمَل ذلك على ما هو شِركٌ في نفسِه، وهو أظهر، وقد كره أحمدُ تعليقَ التَّمائِم قبلَ نزولِ البَلاءِ دون ما بعدَه(٣)، والله أعلم.
الفضيلةُ السابعة: أنَّها حِرزٌ من شيَاطينِ الجِنِّ والإنسِ، وأنَّها تَعْدِلُ ثُلثَ القُرآن.

(١) في الأصل محتملة لأن تكون: (لخلل)، ولكن ما أثبت أقرب لرسمها، والله أعلم.
(٢) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات.
(٣) هذا إذا كانت من القرآن كما يؤخذ من سياق كلام ابن رجب، وقال العلامة ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (٢/٤٤٠): (تكره التمائم ونحوها. كذا قيل: تكره، والصواب ما يأتي من تحريمه لمن لم يرق عليه قرآن أو ذكر أو دعاء وإلا احتمل وجهين، ويأتي أن الجواز قول القاضي، وأن المنع ظاهر الخبر والأثر، وهو معنى قول مالك رحمه الله) ا. هـ. وانظر: «الآداب الشرعية» (٢/٤٤٣-٤٤٤)، و«تيسير العزيز الحميد» (١٣٧-١٣٨).


الصفحة التالية
Icon