فائدة: لم يقل: أحمدُ الله، ولكن قال: الحمدُ للهِ، وهذه العِبارة الثَّانية أولى لوجوهٍ:
منها: أنَّه لو قال: أحمدُ الله َ [ ](١) ذلك على حمده، أمَّا إذا قال: الحمدُ لله أفادَ ذلك أنَّه كان مَحمُودًا قبل حمد الحامدين.
ومنها: أنَّ الحمد لله يقتضي أنَّ الحمدَ والثناءَ حقٌّ الله وملكهُ، فاللفظ الدَّالُ على كونِه مستحقًا للحمد أولى من اللفظ الدَّال على أنَّ شخصًا وَاحدًا حمدَهُ.
ومنها: أنَّه لو قال: أحمدُ الله، لكان قد حمدَ، لكن لا حمد(٢) يَليق به، أمَّا إذا قال: الحمدُ لله، فكأنَّه قال: مَنْ أنا حتى أحمدَه ؟ لكنَّه مَحمُودٌ بجميع حمد الحامدين، مثالُه: لو سُئلت: هل لفلان عليك نعمة ؟ فإن قلتَ: نعَم، فقد حمدتَه، لكن حَمدًا ضعيفًا، وإن قلتَ: بل نِعَمُهُ على كلِّ الخلائق، فقد حمدتَهُ بأكملِ المحامد.
فائدة: الحمدُ لله ثمانيةُ أحرُف، وأبوابُ الجنَّةِ ثمانية، فمَن قال هذه الثمانية عن صَفاءِ قلبه = استحقَ ثمانيةَ أبواب الجنَّة(٣).
فائدة: قدّم التَّسبيح على التَّحميد في قولك: سبحانَ اللهِ والحمدُ لله، لأنَّ التَّسبيحَ إشارةٌ إلى أنَّه تامٌّ، والتحميد يدلُّ على كونِه تعالى فوق التَّمام، فلهذا السَّبب كان الابتداءُ بالتحميدِ أوْلى.
الوجه الثَّاني: في فضائل الحمد.
يَتلوهُ بقية الكلام عليها فيما بَعْد
إنْ شاء اللهُ تعالى
* * *

(١) بياض في الأصل بمقدار ثلاث كلمات.
(٢) كذا بالأصل، ولعلها: (لا حمداً).
(٣) كذا بالأصل، ولا أعلم لهذا أصلاً، ويغلب على الظن أن هذه الفائدة ليست من كلام ابن رجب رحمه الله، لأنه لا يعرف من طريقته ذكر مثل هذه الأمور، وأيضاً المكان الذي ذكرت فيه لا تظهر فيه مناسبة قولها، وقد كان كثير من ملاك المخطوطات الأوائل يلحق بالكتاب فوائد تتعلق بموضوعه في طرته، فلعل هذه الجملة مما ألحقه بعضهم بهذا الكتاب، والله تعالى أعلم.


Icon