قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ ؛ أي بالبعثِ والحساب والجنَّة والنار. وقيل :(الغَيْب) هو اللهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ﴾، أي الصَّلواتِ الخمسِ بشرائطها في مواقيتِها. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ ؛ يعني الزكاةَ ؛ وهو الأظهرُ ؛ لأن اللهَ تعالى قَرَنَ بين الصلاةِ والزكاة في مواضعَ كثيرةٍ، وإقامةُ الصلاة طهارةُ الأبدان ؛ وإعطاءُ الزكاة طهارةُ الأموال. وبالأموالِ قِوَامُ الأبدانِ، وقد قيلَ : هو نفقةُ الرجُلِ على أهلهِ.
قيل : لَمَّا نزلَ قولهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ ﴾ الآيةُ، قالتِ اليهودُ : نحنُ نؤمنُ بالغيب ونقيمُ الصلاة وننفقُ مما رزقَنَا اللهُ ؛ فأنزلَ الله تعالى :﴿ والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَْ ﴾، والذي أُنزل إليه القرآنُ والذي أُنزل مِن قبله التوراة والإنجيلُ وسائر الكتب المنَزَّلة ؛ فَنَفَرُوا من ذلك. فإنْ قيلَ : لِمَ قالَ :﴿ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾، ولَم يَقُلْ يؤمنونَ ؟ قِيْلَ : لأنَّ الإيقانَ توكيدُ الإيْمانِ ؛ واليقينُ بالآخرةِ يقينُ خبرٍ ودلالةٍ، ومعنى الآية : وبالدار الآخرة هم يعلمونَ ويستيقنون أنَّها كائنةٌ.


الصفحة التالية
Icon