قوله عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ﴾، نزلَتْ هذه الآيةُ في المنافِقِين : عبدِاللهِ بنِ أُبَي بنِ أبي سَلُولٍ ؛ ومُعَتِّب بْنِ قُشَيْرٍ ؛ وَجِدِّ بْنِ قَيْسٍ ومَن تابَعَهم، كانوا يقولون للصَّحابة : آمَنَّا بالذي آمَنْتُمْ به ونشهَدُ أنَّ صاحبَكم صادقٌ ؛ وليس هم كذلكَ في الباطنِ إذا خَلَوا، وكانوا يقولونَ فيما بينَهم : هذه خِلَّةٌ نَسْلَمُ بها عن مُحَمَّدٍ وأصحابهِ ونكونُ مع ذلكَ متمسِّكين بدِيننا ؛ فقالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ﴾ وإنَّما وحَّدَ في أوَّلِ الآية وجمعَ الضميرَ في آخرِها ؛ لأنَّ لفظَ (مَنْ) للوِحْدَانِ، ومعناهُ يصلحُ للمذكَّر والمؤنَّث ؛ والاثنينِ والجماعة ؛ فعدلَ تارةً إلى اللَّّفظِ وتارةً للمعنَى ؛ ومنهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ ﴾[البقرة : ١١٢] الآيةُ، ﴿ وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾[الأحزاب : ٣١] الآيةُ.


الصفحة التالية
Icon