قوله عَزَّ وَجَلَّ :﴿ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾ ؛ أي شكٌّ ونفاق، وسمي النفاق مرضاً لأنه يهلكُ صاحبه ؛ ولأنه يضطربُ في الدِّين يوالِي المؤمنينَ باللسان ؛ والكفارَ بالقلب ؛ فحاله كحالِ المريض الذي هو مضطربٌ بين الحياة والموت. وقيل : إنَّ الشكَّ ؛ أي بالقول : ألَمُ القلبِ، والمرضَ : ألَمُ البدنِ. فسُمِّيَ الشكُّ مرضاً لِما فيه من الْهَمِّ والحزنِ. وقيل : سُمي النفاقُ مرضاً ؛ لأنه يضعفُ الدِّين واليقينَ كالمرض الذي يضعفُ البدنَ وينقص قواهُ ؛ ولأنه يؤدِّي إلى الهلاكِ بالعذاب كما أن المرضَ في البَدَنِ يؤدِّي إلى الهلاكِ بالموتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً ﴾ ؛ أي شَكّاً ونِفَاقاً وعذاباً وهَلاَكاً. والفاءُ في ﴿ فَزَادَهُمُ اللَّهُ ﴾ بمعنى الْمُجَازَاةِ. وقِيْلَ : على وجهِ الدُّعاءِ، ﴿ وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ ؛ أي موجعٌ يخلصُ وَجَعُهُ إلى قُلُوبهم ؛ وهو بمعنى مؤلِم. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ ؛ قال بعضُهم : الباءُ في (بمَا) صلةٌ ؛ أي لَهم عذابٌ ألِيْمٌ بكذبهم وتكذِيبهم اللهَ ورسولَهُ في السرِّ ؛ فيكون (مَا) مصدريةٌ ؛ والأَولَى إعمالُ الحروف. و(مَا) وُجد لَها مُساغ ؛ أي بالشَّيء الذي يكذِّبون.
وفي قولهِ :﴿ يَكْذِبُونَ ﴾ خلافٌ بين القرَّاء، فقرأ أهلُ الكوفةِ بفتحِ الياء وتخفيفِ الذَّال ؛ أي بكذبهم إذْ قالوا : آمَنَّا، وهم غيرُ مؤمنين.


الصفحة التالية
Icon