قوله عَزَّ وَجَلَّ :﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً ﴾ ؛ أرادَ بالذين كفرُوا اليهودَ الذين تقدَّم ذِكرهم. وقيلَ : أراد بهم نصارَى نجرانَ، ويقالُ : عامَّة الكفار، ومعنى :﴿ لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً ﴾ أي لا يدفعُ عنهم كثرةُ أموالِهم وأولادِهم شيئاً من عذاب الله في الدُّنيا والآخرة ؛ لأنه لا يُقبل منهم فداءٌ ولا شفاعة. ويسمَّى المالُ غِنًى لأنه يدفعُ عن مالكِه الفقرَ والنوائب، فأخبرَ اللهُ أن أموالَ هؤلاء الكفار وأولادَهم لا تَقِيهم من العذاب.
قرأ السلمي :(لَنْ يُغْنِي عَنْهُم) بالياءِ لتقدُّم الفعلِ ودخول الحائل بينَ الاسم والفعل، وقرأ الحسنُ (لَنْ تُغْنِي) بالتَّاء وسكون الياء.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَأُولَـائِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ﴾ ؛ أي حطبُ النار، والوَقودُ بنصب الواو ما يُوقَدُ به النارُ، وفي هذا بيانُ أنَّ أهلَ النار يحترقون في النار احتراقَ الحطب لا كما يحترقُ الإنسان بنار الدُّنيا، فإنَّ نارَ الدنيا تُسِيْلُ الصَّديدَ من الإنسان ولا تأخذُه كما تأخذ الحطبَ، ومن قرأ (وُقُودُ) بضمِّ الواو فهو مصدرُ وَقَدَتِ النَّارُ وُقُوداً، كما يقال وَرَدَ وُرُوداً ؛ فيكون المعنى : أولئك هُم وقودُ النار.