قوله عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَقُلْنَا يَآءَادَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ﴾ ؛ وَذلِكَ أنَّ آدَمَ كَانَ فِي الْجَنَّةِ وَحْشِيّاً ؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يُجَالِسُهُ وَيُؤَانِسُهُ ؛ فَنَامَ نَوْمَةً فَخَلَقَ اللهُ تَعَالَى زَوْجَتَهُ حَوَّاءَ مِنْ قَصِيْرَاهُ ؛ مِنْ شِِقِّهِ الأَيْسَرِ مِنْ غَيْرِ أنْ أحَسَّ آدَمُ بذَلِكَ وَلاَ وَجَدَ لَهُ ألَماً ؛ وَلَوْ ألِمَ مِنْ ذَلِكَ لَمَا عَطَفَ رَجُلٌ عَلَى امْرَأةٍ ؛ فَلَمَّا هَبَّ آدَمُ مِنْ نَوْمِهِ إِذْ هُوَ بحَوَّاءَ جَالِسَةً عِنْدَ رَأْسِهِ كَأَحْسَنِ مَا خَلَقَ اللهُ. قَالَ لَهَا : مَنْ أنْتِ ؟ قَالَتْ : زَوْجَتُكَ! خَلَقَنِي اللهُ لَكَ.
فَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ عِنْدَ ذلِكَ امْتِحَاناً لَهُ : مَا هَذِهِ يَا آدَمُ ؟ قَالَ : امْرَأةٌ، قَالُوا : وَمَا اسْمُهَا ؟ قَالَ : حَوَّاءُ، قَالُوا : وَلِمَ سُمِّيَتْ حَوَّاءُ ؟ قَالَ : لأنَّها خُلِقَتْ مِنْ حَيٍّ، قَالُوا : يَا آدَمُ أتُحِبُّهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ، قَالُواْ لِحَوَّاءَ : أتُحِبيْنَهُ يَا حَوَّاءُ ؟ قَالَتْ : لاَ، وَفِي قَلْبَها أضْعَافُ مَا فِي قَلْبهِ مِنْ حُبهِ، فَلَوْ صَدَقَتِ امْرَأةٌ فِي حُبهَا لِزَوْجِهَا لَصَدَقَتْ حَوَّاءُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً ﴾ ؛ أي واسِعاً كثيراً، ﴿ حَيْثُ شِئْتُمَا ﴾ ؛ وأين شِئتُما وكيفَ شئتما، ﴿ وَلاَ تَقْرَبَا هَـاذِهِ الشَّجَرَةَ ﴾ ؛ قِيْلَ : هي الكَرْمُ ؛ وَقِيْلَ : التين ؛ وَقِيْلَ : شجرةٌ من أحسَنِ أشجار الجنَّة عليها كلُّ نوعٍ من أطعِمَة الجنَّة ؛ ثَمرُها مثل كِليةِ البقرة ؛ أليَنُ من الزُّبد ؛ وأحلَى من الشَّهد ؛ وأشدُّ بياضاً من اللَّبن.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ ﴾، أي فتَصِيرا من الضارِّين لأنفُسِكما بالمعصيةِ ؛ وأصلُ الظُّلْمِ : وَضْعُ الشََّيءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ.