قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ ﴾، يعني القُرْآنَ، ﴿ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ ﴾ ؛ أي مُوافقاً لِما معكم من التَّوراةِ والإنجيل وسائرِ الكُتُب في التَّوحيدِ والنبوَّةِ وبعضِ الشرائعِ. نزلت في كعب بنِ الأشرَفِ وأصحابهِ من عُلماءِ اليهُودِ ورؤسَائِهم. ﴿ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ﴾ ؛ أي لا تكُونوا أوَّلَ مَن يكفرُ بالقُرْآنِ فيتابعُكم اليهودُ على ذلك.
وقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً ﴾ ؛ وذلك أنَّ علماءَ اليَهُودِ ورؤساءَهم كانت لَهم مآكِلُ يصيبونَها من سَفَلَتِهِمْ وعوامِّهم ؛ يأخذون منهم شيئاً مَعْلُوماً كلَّ عامٍ من زرعِهم وضُروعهم ونُقودِهم ؛ فخافوا أنَّهم إنْ سَمِعُوا مُحَمَّداً ﷺ وتابعوهُ وآمنوا به تفوتُهم تلكَ الْمَآكِلُ والرئاسةُ واختارُوا الدُّنيا على الآخرةِ. والهاءُ في قوله ﴿ كَافِرٍ بِهِ ﴾ عائدةٌ إلى ما أَنزلت على مُحَمَّدٍ ؛ ويجوزُ أن تكون مائدةً إلى قولهِ :﴿ لِّمَا مَعَكُمْ ﴾ لأنَّهم كَتَمُوا نَعْتَ محمَّدٍ ﷺ وصفتَهُ في التَّوراةِ ؛ فإذا كفَرُوا بالقُرْآنِ فقد كفروا بالتورَاة. وقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ﴾ ؛ أي فَاخْشَوْنِ في أمرِ مُحَمَّدٍ ﷺ ولا ما يفوتُكم من الرئاسةِ والمآكلِ.