قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ﴾ ؛ أي في نكاحِ الأَمَةِ إذا لم تجدوا طَوْلَ الحرَّةِ، وفي كلِّ أحكامِ الشَّرع. وَقِيْلَ : معناهُ : يريدُ الله لِيُسَهِّلَ عليكُم فيضعَ أوزارَكم ويَحُطَّ ذنوبَكم، ﴿ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً ﴾ ؛ أي أسِيْراً للشهوة، وقِيْلَ : ضَعِيفاً في كلِّ شيء
وقال طاوُوس والكلبيُّ :(مَعْنَاهُ لاَ يَصبْرُ عَلَى النِّسَاءِ، لَيْسَ يَكُونُ الإنْسَانُ فِي شَيْءٍ أضْعَفَ مِنْهُ فِي أمْرِ النِّسَاءِ). وقال سعيدُ بن المسيَّب :(مَا آيَسَ الشَّيْطَانُ مِنْ ابْنِ آدَمَ إلاَّ أتَاهُ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ، وَقَدْ أتَى عَلَيَّ ثَمَانُونَ سَنَةً وَذَهَبَتْ إحْدَى عَيْنَيَّ، وَأنَا أخْوَفُ مَا أخَافُ عَلَى فِتْنَةِ النِّسَاءِ). وقال عبادةُ بن الصَّامت :(ألاَ تَرَوْنِي مَا آكُلُ إلاَّ مَا لُوِّقَ لِي - أي لُيِّنَ وَسُخِّنَ - وَلاَ أقُومُ إلاَّ مَا قَدْ مَاتَ صَاحِبي - يَعْنَي ذكَرَهُ - وَمَا يَسُرُّنِي أنِّي خَلَوْتَ بامْرَأةٍ لاَ تَحِلُّ لِي مَخَافَةَ أنْ يَأْتِيَنِي الشَّيْطَانُ فَيُحَرِّكُهَ عَلَيَّ ؛ أنَّهُ لاَ سَمْعَ لَهُ وَلاَ بَصَرَ).
وقال الحسنُ :(مَعْنَى ﴿ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً ﴾ أيْ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ مَهِيْنٍ). وقال ابنُ كَيْسَانَ :(مَعْنَاهُ : تَسْتَمِيْلُهُ شَهْوَتُهُ وَيَسْتَلِيْنُهُ خَوْفُهُ وَحُزْنُهُ). قال ابنُ عبَّاس :(ثَمَانِي آيَاتٍ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ ؛ هُنَّ خَيْرٌ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ :﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ﴾[النساء : ٢٦] ؛ ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ﴾[النساء : ٢٧]، ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ﴾ ؛ ﴿ إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ ﴾[النساء : ٣١] ؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾[النساء : ٤٠] ؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ ﴾[النساء : ٤٨] ؛ ﴿ وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ﴾[النساء : ١١٠] ؛ ﴿ مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ ﴾[النساء : ١٤٧] ؛ ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ ﴾[النساء : ١٥٢].


الصفحة التالية
Icon