قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ ؛ أي لا يَتَمَنَّى الرجلُ مالَ أخيه ولا شيئاً من الذي لغيرهِ ؛ ولكن لِيَقُلْ : اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي مِثْلَهُ، ولا يتمنَّى الرجلُ امرأةَ أخيهِ ولا خادمَهُ ولا دابَّته.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ ﴾ ؛ أي حظٌّ من الأجرِ ما اكتسبُوا من العملِ الصالح ﴿ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ ﴾ ؛ حظٌّ من الأجرِ مما عَمِلْنَ من العمل الصالحِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ﴾ ؛ أي من رزْقِهِ، ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ ﴾ ؛ لم يزل، ﴿ بِكُلِّ شَيْءٍ ﴾، من أعمالِ الرجال والنِّساء، ﴿ عَلِيماً ﴾ ؛ عالماً.
وعن جابرِ بن عبدِالله قال : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ؛ " إذْ أقْبَلَتِ امْرَأةٌ حَتَّى قَامَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ ؛ ثُمَّ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ﷺ ؛ أنَا وَافِدَةُ النِّسَاءِ إلَيْكَ، إنَّ اللهَ عَزَّوَجَلَّ رَبُّ النِّسَاءِ وَرَبُّ الرِّجَالِ، وَآدَمُ أبُو النِّسَاءِ وَأبُو الرِّجَالِ، وَحَوَّاءُ أمُّ النِّسَاءِ وأمُّ الرِّجَالِ، وَأَنْتَ بَعَثَكَ اللهُ رَسُولاً إلَى النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ، ثُمَّ الرِّجَالُ إذا خَرَجُواْ فِي سَبيْلِ اللهِ، فَقُتِلُواْ فَهُمْ أحْيَاءٌ عِنْدَ رَبهِمْ فَرِحِيْنَ، وَنَحْنُ نَحْتَبسُ عَلَيْهِمْ وَنَخْدِمُهُمْ، فَهَلْ لَنَا مِنَ الأَجْرِ شَيْءٌ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ :" أقْرِئِي النِّسَاءَ مِنِّي السَّلاَمَ ؛ وَقُولِي لَهُنَّ : إنَّ طَاعَةَ الزَّوْجِ وَاعْتِرَافاً لِحَقِّهِ يَعْدِلُ مَا هُنَالِكَ، وَقَلِيْلٌ مِنْكُنَّ يَفْعَلُهُ ".
وقال قتادةُ والسُّدِّيُّ :(لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ﴾[النساء : ١١] فَقَالَتِ الرِّجَالُ : إنَّا لَنَرْجُوا أنْ يُفَضِّلَنَا اللهُ عَلَى النِّسَاءِ بَحَسَنَاتِنَا فِي الآخِرَةِ كَمَا فَضَّلَنَا عَلَيْهِنَّ بالْمِيرَاثِ ؛ فَيَكُونُ أجْرُنَا مِثْلَي أجْرِ النِّسَاءِ، وَقَالَ النِّسَاءُ : إنَّا لَنَرْجُوا أنْ يَكُونَ الْوِزْرُ عَلَيْنَا نِصْفَ مَا عَلَى الرِّجَالِ كَمَا لَنَا فِي الْمِيرَاثِ النِّصْفُ مِنْ نَصِيْبهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى ﴿ وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ ﴿ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ ﴾ مِنَ الْمِيرَاثِ وَالْعِقَاب، وَلِلنِّسَاءِ نَصِيْبٌ كَذَلِكَ مِنْهُ). قال قتادةُ :(يُجْزَى الرَّجُلُ بالْحَسَنَةِ عَشْرَ أمْثَالِهَا، وَالْمَرْأةُ تُجْزَى عَشْرَ أمْثَالِهَا أيْضاً).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاسْأَلُواْ اللَّهَ مِن فَضْلِهِ ﴾ وقرأ ابنُ كثيرٍ والكسائيُّ وخلف :(وَسَلًُواْ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) (وَسَلْ مَنْ أرْسَلْنَا) و (فَسَلِ الَّذِينَ) يقرأون بغيرِ الهمزة، وقرأ الباقونَ بالهمزة. قال ﷺ :" مَنْ لَمْ يَسأَلِ اللهَ مِنْ فَضْلِهِ غَضِبَ عَلَيْهِ " وقال سفيانُ بن عُيَيْنَةَ :(لَمْ يَأَمُرْ بالْمَسْأَلَةِ إلاَّ لِيُعْطِي).


الصفحة التالية
Icon