قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَآ آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً ﴾ ؛ يجوزُ أن يكونَ أوَّل هذه الآيةِ في موضع نَصْبٍ بدلاً من قولهِ (مَنْ كَانَ) ويحتملُ أن يكون نصباً على الذمِّ، على معنىَ : أعْنِي الَّّذِيْنَ يَبْخَلُونَ، ويحتملُ أن يكون رفعاً على الاستئنافِ على إضمارِ (هُمْ) الذينَ يبخلون. قال ابنُ عبَّاس ومجاهدُ :(الْمُرَادُ بالآيَةِ الْيَهُودُ، بَخِلُوا بما كَانَ عَنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ بأَمْرِ النَّبيِّ ﷺ وَأمَرُواْ قَوْمَهُمْ بالْبُخْلِ وَهُوَ الْكِتْمَانُ)، ويقال : كانوا لا يعطونَ من أموالِهم شيئاً، ويأمرون الناسَ بذلك.
وقال بعضُهم : الآية عامَّة في كل من يَبْخَلُ بما أوتِي من المالِ ويكتمُ ما أعطاه اللهُ من النعيمِ لا يُخْرِجُ زكاتَهُ، فعلى هذا يكون المرادُ بالكافرين في هذه الآية : كَافِرِي النِّعَمِ دون الكفار بالله. فأمَّا على التأويلِ الأوَّل فالمرادُ بالكافرين اليهودَ.
والبُخْلُ : مَنْعُ الْوَاجِب. قرأ يحيى بن يعمر ومجاهدُ وحمزة والكسائي وخلف :(بالْبَخَلِ) بفتح الباء والخاء، وقرأ قتادةُ وأيوب بفتح الباءِ وسكون الخاء، وقرأ عيسى ابن يعمر : بضمِّ الباء والخاء، وقرأ الباقون بضم الباء وسكون الخاء، وكذلك في سورةِ الحديد، وكلُّها لغةٌ معروفة فيه إلاَّ أن اللغة العاليَةَ : ضمّ الباء وسكون الخاء، وبفتح الباء والخاء لغةُ الأنصار.