قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـاذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ ؛ نزلت هذه الآيةُ في علماءِ اليهود الذين غيَّروا صفةَ النبيِّ ﷺ في التوراةِ فكتبوها : مُحَمَّدٌ سِبْطاً ؛ طويلاً ؛ أزْرَقاً ؛ شبط الشَّعرِ. وكانت صفتهُ في التوراة : حسَنَ الوجهِ ؛ جَعْدَ الشعرِ ؛ أسمرَ ربعة. فبدَّلوا وقالوا : هذا مِن عند اللهِ، وإذا سُئلوا عن صفتهِ قرَأُوا ما كَتَبُوهُ ؛ فيجدونَه مخالفاً لصفتهِ فيكذِّبونه. وإنَّما فعلتِ اليهودُ ذلك ؛ لأنَّهم خافوا ذهابَ مُلكِهم وزوالَ رئاستهم حين قَدِمَ النبيُّ ﷺ المدينةَ ؛ فاحتالوا في تغييرِ صفته ليمنَعُوا الناسَ عن الإيْمان بهِ.
والوَيْلُ : الشِّدَّةُ فِي الْعَذَابِ. وَقِيْلَ : الهلاكُ. وَقِيْلَ : الْخِزْيُ ؛ ويكنَّى عنه بـ (وَيْسَ) وَ(وَيْحَ). وَقِيْلَ : هو وادٍ في جهنَّم يَهوِي فيه الكافرُ أربعين خَريفاً قبلَ أن يقعَ إلى قعرهِ. وَقِيْلَ : يسيلُ فيه صديدُ أهل النار. وَقِيْلَ : لو جُعلت فيه جبالُ الدُّنيا لَمَاعَتْ من شدَّة حرِّه.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ﴾ ؛ يعني ما كان لَهم من الْمَأْكَلَةِ والهدايَا من أغنيائهم ؛ ألْحَقَ اللهُ بهم ثلاثَ ويلاتٍ فيما غيَّروا من الكتاب. وَقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ ﴾ ؛ أي مما يُصِيبون من المآكلِ والهدايا. ولفظُ الأيدِي للتأكيدِ كقولهم : مشيتُ برِجْلي ؛ ورأيتُ بعَينِي. قَالَ اللهُ تَعَالَى :﴿ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ﴾[الأنعام : ٣٨].


الصفحة التالية
Icon