قولُهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهُـؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ ﴾ ؛ قرأ أهلُ الكوفةِ :(وَيَقُولُ) بالواو والرفعِ على الاستئناف، وقرأ أهلُ البصرةِ بالنصب والواو عطفٌ على (أنْ يَأْتِيَ)، وقرأ الباقون برفعِ اللام وحذفِ الواو.
ومعنى الآية : يقولُ المؤمنون المخلِصون عندما أظَهَرَ اللهُ نفاقَ المنافقين :(أهَؤُلاَءِ الَّذِينَ أقْسَمُوا باللهِ) يعنون المنافقين الذين حلَفُوا بالله أنَّهم لَمَعَكُمْ على دينِكم، ﴿ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ﴾، بَطَلَ ما أظهروهُ من الإيمانِ والأعمال الصالحةِ، ﴿ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ ﴾ ؛ فصاروا مَغبُونين في الوِزْر والعقوبةِ.
قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :﴿ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ﴾ تفسيرٌ للقَسَمِ باللهِ تعالى، فإنَّ مَن يحلفُ باللهِ فقد بذلَ جُهد يَمينهِ، إذ لا يمينَ أعظمُ من اليمينِ بالله، ولا حرمةَ أكبرُ من حرمةِ الله. قال ابنُ عبَّاس رضي الله عنه :(فَجَاءَ اللهُ بالْفَتْحِ وَنَصَرَ الرَّسُولَ ﷺ، وجاءَ أمرُ الله من عنده بإجلاءِ بني النضيرِ، وقتل مقاتِلة بني قُريظة وسَبيِ ذراريهم)، فنَدِمَ المنافقون حين ظهرَ نفاقُهم، وقال المؤمنون :﴿ أَهُـؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ﴾.


الصفحة التالية
Icon