قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :﴿ وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ﴾ ؛ أي إذا نادَيتم الناسَ إلى الصَّلاة بالأذانِ والإقامة اتَّخذوها سُخرِيَةً واستهزاءً وضَحِكاً وبَاطلاً، وَ ﴿ ذلِكَ ﴾ ؛ الاستهزاءُ واللعب، ﴿ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ ﴾ ؛ ثوابَ الله تعالى في إقامةِ الصَّلاة، ولا عِقابَهُ في إضاعتهِ.
ورُوي :((أنَّ يَهودياً كان إذا سمعَ المؤذِّنَ يقولُ :(أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ) قالَ : أحرقَ اللهُ الكاذبَ، فدخلَ خادمهُ البيتَ بنارٍ، فوقعت شرارةٌ منها في البيتِ فالتهبَ، واحترقَ اليهوديُّ هو وأهلهُ، واستُجيب دعاؤهُ على نفسهِ)).
وفي الآيةِ دليلٌ أنَّ للصلاة أذاناً يدعو به الناسَ إليها، ونظيرُ هذا قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ ﴾[الجمعة : ٩]. وعن رسولِ الله ﷺ أنه قالَ :" ثَلاَثَةٌ لاَ يَكْتَرِثُونَ مِنَ الْحِسَاب، وَلاَ تُفْزِعُهُمْ الصَّيْحَةُ، وَلاَ يُحْزِنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ : حَامِلُ الْقُرْآنِ الْعَامِلُ بهِ، يَقْدُمُ عَلَى اللهِ سَيِّداً شَرِيفاً، وَمُؤَذِّنٌ أذنَ سَبْعَ سِنِينَ لاَ يَأْخُذُ عَلَى أذانِهِ طَعَاماً، وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أحْسَنَ عِبَادَةَ رَبهِ وَأدَّى حَقَّ مَوْلاَهُ "
وعن أنسٍ رضي الله عنه قالَ : قالَ رسولُ اللهِ ﷺ :" مَنْ أذنَ سَنَةً مِنْ نِيَّةٍِ صَادِقَةٍ، أجْلِسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَقِيلَ لَهُ : إشفَعْ لِمَنْ شِئْتَ " وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه : قالَ ابنُ عبَّاس : قالَ رسولُ اللهِ ﷺ :" مَنْ أذنَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ إيْمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذنْبهِ وَمَا تَأَخَّرَ " وقالَ رسولُ الله ﷺ :" الْمُؤَذِّنُ الْمُحْتَسِبُ كَالشَّهِيدِ الْمُتَشَحِّطِ فِي دَمِهِ مَا دَامَ فِي أذانِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابسٍ، فَإذا مَاتَ لَمْ يُدَوِّدْ فِي قَبْرِهِ " قال عمرُ رضي الله عنه : لَوْ كُنْتُ مُؤَذِّناً لَكَمُلَ أمْرِي، وَمَا بَالَيْتُ أنْ لاَ أتنصب لِقِيَامٍ وَلاَ لِصِيَامٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ :" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ "