قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :﴿ لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ ؛ معناهُ : هل ينهاهم العامِلون بالعلمِ والعُلماء الذين هم دونَهم عن قولِ الشِّرك والكذب على الله، وأكل الحرامِ والرِّشوة في الحكمِ. قال الحسن :(الرَّبَّانِيُّونَ عُلَمَاءُ النَّصَارَى، وَالأحْبَارُ عُلَمَاءُ الْيَهُودِ). وَيُقَالُ : هُوَ كُلُّهُ فِي الْيَهُودِ، وقرأ أبو واقدٍ الليثي :(لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرِّبِّيُّونَ) كقوله تعالى :﴿ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ﴾[آل عمران : ١٤٦].
وقولهُ :﴿ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ أي بئسَ ما يصنعُ علماؤهم من كتمانِهم الحقَّ، وتركِهم النهيَ عن المعصيةِ. قال ابنُ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا والضحاك :(إنَّ هَذِهِ الآيَةَ أشَدُّ الآيَاتِ فِي تَخْوِيفِ مَنْ تَرَكَ الأَمْرَ بالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ)، قالَ رسولُ الله ﷺ :" مَا مِنْ رَجُلٍ يُجَاورُ قَوْماً فَيَعْمَلُ بالْمَعَاصِي بَيْنَ أظْهُرِهِمْ، فَلاَ يَأْخُذُونَ عَلَى يَدَيْهِ، إلاَّ أوْشَكَ أنَّ اللهَ تَعَالَى يَعُمُّهُمْ مِنْهُ بعِقَابٍ "