قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ﴾ ؛ نزَلت في نصارَى نَجران السيِّدِ والعاقب ومَن معهُما، وهم الماريعقوبيَّة ؛ قالوا : إنَّ اللهَ هو المسيحُ بن مريمَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ ﴾ ؛ إعلامٌ من اللهِ تعالى أن المسيحَ دعاهم إلى توحيدِ الله تعالى، وأعلمَهم أنَّ شيئاً حالهُ في أمه مربوبٌ كحالهم، وأعلمَهم أن مَن أشركَ مع اللهِ شيئاً غيرَهُ فهو كافرٌ من أهلِ النار، فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ﴾ أي وحِّدوهُ، فهو خالِقي وخالقُكم ورازقي ورازقُكم. ﴿ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ ﴾ ؛ أن يدخلَها، ﴿ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ﴾ ؛ ومصيرهُ في الآخرة النارُ، ﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ﴾ ؛ أي ما للمشرِكين من مانعٍ يمنعُهم من عذاب الله.
ثم بيَّن اللهُ كُفرَ الفريقِ الآخر من النَّصارى، وهم المرقُوشيَّة، فقال عَزَّ وَجَلَّ :﴿ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ﴾ ؛ أي أحدُ ثلاثةٍ : أبٌ ؛ وابنٌ ؛ وروحُ قدسٍ، ﴿ وَمَا مِنْ إِلَـاهٍ إِلاَّ إِلَـاهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ ﴾ ؛ أي المنافقون ؛ ﴿ عَمَّا يَقُولُونَ ﴾ ؛ من مقالتِهم الأُولى والثانية، ﴿ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ ؛ أي ليُصِيبَنَّ الذين أقَامُوا على مقالةِ الكفر، ﴿ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ ؛ وجيعٌ يخلصُ وجعه إلى قلوبكم.