قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا ﴾ ؛ أي وَلَوْ تَرَى يا مُحَمَّدُ كفارَ قريشٍ إذْ حُبسوا عَلَى النَّار ؛ إذ عاينُوها ودخلُوها وعرفوا عذابَها ؛ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بآيَاتِ رَبنَا ؛ تَمَنُّوا الرجعةَ إلى الدُّنيا.
وقرأ ابن السميقع :(وَقَفُوُا) فبفتحِ الواو والقاف من الوُقُوفِ. القراءةُ الأُولى من الوَقْفِ، وجوابُ (لا) محذوفٌ وتقديرهُ : ولو تَرَاهُمْ في تلكَ الحالةِ لرأيتَ عَجَباً، وقيلَ : لعَلِمْتَ ماذا يَنْزِلُ بهم من الْخِزْيِ والندامةِ، ورأيتَ حسرةً يا لهَا من حَسْرَةٍ.
قَوْلُهُ تَعَالىَ :﴿ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا ﴾ ﴿ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ؛ قرأ حمزةُ ويعقوب وحفص :(وَلا نُكَذِّبَ) (وَنَكُونَ) بالنصب على جواب التَّمَنِّي، والعربُ تنصب جوابَ التمني بالواو كما تنصبهُ بالفاء، كما قالوا : يا ليتَكَ تصيرُ إلينا ونُكرِمَك، أو فُنكرِمَك فكلاهما بالنصب.
وقرأ ابنُ عامر (وَلا نُكَذِّبُ) بالرفع (وَنَكُونَ) بالنصب ؛ لأنَّهم تَمَنَّوا الردَّ وأن يكونوا مؤمنين وأخبروا أنَّهم لا يكذبون بآياتِ ربهم وإنْ ردُّوا إلى الدنيا. ومعناه : يا ليتنَا نُرَدُّ، ويا ليتنا لا نُكَذبُ، كأنَّهم تَمَنُّوا الردَّ والتوفيقَ بالتصديقِ. ويجوز أن يكون ذلكَ رفعاً على معنى : ونحنُ لا نُكَذِّبُ بآيات ربنا، رُدِدْنَا أو لَمْ نُرَدَّ.


الصفحة التالية
Icon