قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ اللَّهِ ﴾ ؛ أي قد غُبنَ الذين كَذبُوا بالبعثِ بعد الموتِ، ﴿ حَتَّى إِذَا جَآءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً ﴾ ؛ أي فَجْأَةً نَدِمُوا في وقتٍ لا ينفعُهم الندامةُ. وسُميِّت القيامةُ ساعةً ؛ لِتَوَهُّمِ قيامِها في كلِّ ساعةٍ.
وقوله تعالى :﴿ قَالُواْ ياحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا ﴾ ؛ أي على ما قََصَّرْنَا وضَيَّعْنَا في الدُّنيا من عملِ الآخرة، ﴿ وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ ﴾ ؛ معناهُ : والكفَّارُ يحملون أثقالَ آثامِهم فوق ظهروهم بذنوبهم، والذنبُ من أثقلِ ما يحمل. وقيل : معناهُ ﴿ عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا ﴾ أي في الصفقةِ.
وقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ ﴾ قال السُّدِّيُّ :(لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ظَالِمٍ يَمُوتُ فَيَدْخُلُ قَبْرَهُ إلاَّ أتَاهُ رَجُلٌ قَبيْحُ الْوَجْهِ ؛ أسْوَدُ اللَّوْنِ ؛ مُنْتَنٌّ الرَّائِحَةِ ؛ عَلَيْهِ ثِيَابٌ دَنِسَةٌ، فَإذا رَآهُ الظَّالِمُ قَالَ لَهُ : مَا أقْبَحَكَ! فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ فِي الدُّنِْيَا، فَيَكُونُ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ، فَإذا بُعِثَ يَوْمَ الْقِيَامةِ قَالَ لهُ : طََالَمَا كُنْتُ أحْمِلُكَ عَلَى اللَّذةِ وَالشَّهَوَاتِ، فَأَنْتَ الْيَوْمَ تَحْمِلُنِي. فَيَرْكَبُهُ وَفِي يَدِهِ مَقْمَعَةٌ فَيَضْرِبُ بها رَأسَهُ ؛ فَيَفْضَحُهُ عَلَى رُؤُوس الْخَلاَئِقِ حَـتَّى يُدْخِلَهُ النَّارَ، فَذلِكَ قَوْلُهُ :﴿ وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ ﴾.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ ﴾ ؛ أي بئْسَ الشيءُّ الذي يحملونَ من الآثامِ. ويقالُ : بئْسَ الشيء شيئاً يَزِرُونَهُ ؛ أي يَحْمِلُونَهُ.