قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ ﴾ ؛ أي حَظُّهُمْ مما قضَى اللهُ عليهم في الكتاب ؛ وهو سوادُ الوجوهِ وزُرْقَةُ الأعيُنِ ؛ كما قال تعالَى :﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ ﴾[الزمر : ٦٠].
وقال الحسنُ :(مَعْنَاهُ : مَا كُتِبَ لُهُمْ مِنَ الْعَذَاب). وقال مجاهدُ :(مَا سَبَقَ مِنَ الشَّقَاوَةِ). وقال الربيعُ :(يَعْنِي يَنَالُهُمْ مَا كُتِبَ لَهُمْ مِنَ الأَرْزَاقِ وَالأَعْمَال). فَإذا فَرَغَتْ وَفَنِيَتْ ؛ ﴿ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ ﴾ أي يَقْبضُونَ أرْوَاحَهُمْ ؛ يَعْنِي مَلَكَ الْمَوْتِ وَأَعْوَانَهُ).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ حَتَّى إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ ﴾ ؛ يعني إذا جاءَتْهم ملائكةُ العذاب يذيقونَهم عذاباً في الآخرةِ كما قالَ تعالى :﴿ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ﴾[إبراهيم : ١٧]. ﴿ قَالُواْ ﴾ ؛ أي فتقولُ لَهم الملائكةُ - وهم خَزَنَةُ جهنَّم :﴿ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ ؛ يعنونَ الأصنامَ. يقولون لَهم ذلك تَوْبيْخاً وتَنْكِيْراً وحسرةً عليهم، ﴿ قَالُواْ ﴾ ؛ فيقولُ الكفَّارُ عندَ ذلك :﴿ ضَلُّواْ عَنَّا ﴾ ؛ أي ذهَبَ الأصنامُ عَنَّا. فلم يَقْدِرُوا لنا على نَفْعٍ ولا دفع ضُرٍّ، ﴿ وَشَهِدُواْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ﴾ ؛ أي أقَرُّوا على أنفُسِهم، ﴿ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ﴾ ؛ في الدُّنيا. قال مقاتلُ :(يَشْهَدُونَ عَلَى أنْفُسِهِمْ بَعْدَمَا شَهِدَتْ عَلَيْهِمُ الْجَوَارِحُ بمَا كَتَمَتِ الأَلْسُنُ).