قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاوةُ الدُّنْيَا ﴾ ؛ أولُ الآية نَعْتٌ للكفارينَ ؛ ومعناهُ : أنَّهم اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوَ أنفُسِهم ؛ لاَهِيْنَ لاَعِبيْنَ. ويقالُ : هم الذين اخْتَارُوا في دِيْنِهم الباطلَ واللَّعِبَ والفرحَ والْهُزْئَ، (وَغَرَّتُهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) أي غَرَّهُمْ ما أصابوهُ من زينةِ الدُّنِيا مع ما كانوا فيه من طُولِ الأمَلِ، وكذلك كانوا يَسْتَهْزِئُونَ بالمسلمينَ، كما رُوِيَ في الخبر : أنَّ أبا جَهْلٍ بَعَثَ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ رَجُلاً يَسْتَهْزِءُ بهِ : أن أطعِمْنِي من عِنَب جَنَّتِكَ أو شيئاً من الفواكهِ! فَقَالَ أبُو بَكْرٍ رضي الله عنه :(قل إنَّ اللهَ حَرَّمْهُمَا عَلَى الْكَافِرينَ).
قَوْلُهُ تَعَالىَ :﴿ فَالْيَوْمَ نَنسَـاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـاذَا ﴾ ؛ ﴿ فَالْيَوْمَ ﴾ أي يومَ القيامةِ معناهُ : اليومَ نترُكهم كما تَرَكُوا العملَ للقاءِ يَوْمِهِمْ هَذا. ويقال : معنى قولهِ :﴿ نَنسَـاهُمْ ﴾ نَتْرُكُهُمْ، ﴿ كَمَا نَسُواْ ﴾ أي كما أعْرَضُوا عن العملِ للقاءِ يومِهم هذا اعراضَ الناسي للشيء. وَقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ في موضعِ الجرِّ عَطْفٌ على (مَا نَسُوا) ؛ المعنى : وَبجَحْدِهِمْ بآياتِنَا الدالَّةِ على التوحيدِ ﴿ نَنسَـاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَـاذَا ﴾.