قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ﴾ ؛ يعني : إنَّ المكانَ الزَّاكِي من الأرضِ يخرجُ رَيْعُهُ بلا كَدٍّ ولا عناءٍ ولا مَشَقَّةٍ فينتفعُ بهِ ؛ ﴿ وَالَّذِي خَبُثَ ﴾ ؛ ترابهُ ؛ وهي الأرضُ السَّبْخَةُ، ﴿ لاَ يَخْرُجُ ﴾ ؛ رَيْعُهَا ؛ ﴿ إِلاَّ نَكِداً ﴾ ؛ أي في كَدٍّ وعناءٍ. قال ابنُ عبَّاس :(هَذا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، فَإ، َّ الْمُؤْمِنَ يَسْمَعُ الَمْوْعِظَةَ فَيَنْتَفِعُ بهَا، وَيَنْفَعُهُ الْقُرْآنُ كَمَا يَنْفَعُ الْمَطَرُ الْبَلَدَ الطَّيِّبَ، وَالْكَافِرُ لاَ يَسْمَعُ الْمَوْعِظَةَ وَلاَ يَعْمَلُ عَمَلاً مِنَ الطَّاعَةِ إلاَّ شَيْئاً يَسيْراً).
والنَّكِدُ في اللُّغَةِ : هُوَ الْقَلِيلُ الَّذِي لاَ يُنْتَفَعُ بهِ. وَقِيْلَ : معنى قولهِ تعالى :﴿ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً ﴾ أي عَسِيراً قليلاً بعناءٍ ومشقَّةٍ. وقرأ أبو جعفرٍ :(نَكَداً) بفتحِ الكافِ ؛ أي بالنَّكَدِ. وَقِيْلَ : هي لغةٌ في نَكَدٍ، ويقرأ (نَكْد) بإسكانِها لغةٌ إيضاً ويقال : رجلٌ (نَكْداً) ؛ إذا كان عَسِراً مُمْتَنِعاً من إعطاءِ الحقِّ على وجه الْبُخْلِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ كَذالِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ﴾ ؛ أي كَمَا صَرَّفْنَا لكم آيةً في إثرِ آيةٍ ؛ هكذا نُبَيِّنُ الآياتِ، ﴿ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ﴾ ؛ نِعَمَ الله تعالى ويعتبرونَ بآياتِه وأمثالهِ.