قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ ﴾ ؛ أي مِن المنافقين من يَعِيبُكَ في الصَّدقات، ﴿ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا ﴾ ؛ الصدقةَ مدارَ مُرادِهم، ﴿ رَضُواْ ﴾ ؛ بالقسمةِ، ﴿ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا ﴾ ؛ لا يَرضُون بالقسمةِ.
نزلَتْ هذه الآيةُ في أبي الجوَّاظ وغيرهُ من اللمَّازِينَ من المنافقين، كما رُوي " أنَّ النبيَّ ﷺ كان يَقِسمُ الصدقاتِ فقال أبو الجوَّاظ : ما ترَون صاحِبَكم يقسمُ صدقاتِكم في رُعاة العنمِ، فقال ﷺ :" لاَ أبَا لَكَ، أمَا كَانَ مُوسَى عليه السلام رَاعِياً! أمَا كَانَ دَاوُدُ عليه السلام رَاعِياً! " فذهبَ أبو الجوَّاظ، فقالَ ﷺ :" احْذَرُوا هَذَا وَأصْحَابَهُ " فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ.
وعن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال :" كَانَ رَسُولُ اللهِ يَقْسِمُ قَسْماً إذ جَاءَهُ ابْنُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ : اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ :" وَيْلَكَ مَنْ يَعْدِلُ إذا لَمْ أعْدِلْ؟! " فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه : ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ أضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ ﷺ :" دَعْهُ فَإنَّ لَهُ أصْحَاباً يَحْتَقِرُ أحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِ وَصَوْمَهُ مَعَ صِيَامِهِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرَقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمْيَةِ ".
قرأ الحسنُ ويعقوب (يَلْمُزُكَ) بضمِّ الميم، وقرأ الأعمش (يُلَمِّزُكَ) بضم الياء وتشديدِ الميم، يقالُ لَمَزَهُ وَهَمَزَهُ إذا أعابَهُ، ورجلٌ هُمَزَةٌ لُمَزَةٌ، وقال عطاءُ :(مَعْنَى يَلْمِزُكَ أيْ يَغْتَابُكَ). قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴾ ؛ قرأ إيادُ بنُ لَقيط (إذَا هُمْ سَاخِطُونَ).


الصفحة التالية
Icon