قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ ﴾ ؛ أي بعضُهم مُضَافٌ إلى بعضهم لاجتماعِهم على الشِّرك والاستهزاءِ بالمسلمين، كما يقالُ : أنا مِن فلانٍ وفلانٌ منِّي ؛ أي أمْرُنا واحدٌ وكَلِمَتُنَا واحدةٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ ﴾ ؛ أي بالكُفرِ والمعاصي، ﴿ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ ﴾ ؛ أي عن الإيمان والطاعة. وقولهُ تعالى :﴿ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ﴾ ؛ قال الحسنُ ومجاهد :(أيْ يُمْسِكُونَهَا عَنِ النَّفَقَةِ فِي الْجِهَادِ)، وَقِيْلَ : عنِ الزَّكَوَاتِ المفروضةِ، وقال قتادةُ :(عَنِ الْخَيْرَاتِ كُلِّهَا).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾ ؛ أي ترَكُوا أمْرَ اللهِ وأعرَضُوا عنه حتى صارَ كالمنسيِّ عندَهم بإعراضِهم عنه، فترَكَهم اللهُ من رحمتهِ حتى صارُوا كَالْمَنْسِيِّينَ عندَهُ، وإنْ كان النِّسانُ مما لا يجوزُ على اللهِ إلاَّ أنه قال (فَنَسِيَهُمْ) لمزاوجةِ الكلام، كما في قوله تعالى :﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ ﴾[البقرة : ١٩٤]، قال تعالى :﴿ وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ﴾[الشورى : ٤٠]، وقولهُ تعالى :﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ ؛ أي هم المتمرِّدون في الكفرِ والفسقِ وفي كلِّ شيء، والْمُتَمَرِّدُ فيه وإنْ كان النفاقُ أعظمَ من الفسقِ.