قَوْلُهُ تََعَالَى :﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾ ؛ أي ثم أسكنَّاكم الأرضَ من بعد الأوَّلين لنُجازِيكم على ما تعمَلون من الخيرِ والشرِّ، ونشاهدُ هل تعتَبرون بما صُنِعَ بالأَوَّلين أم لا ؟ وهذا على التهديدِ ؛ أي إنْ عامَلتُكم مثل معاملَتِهم أهلكْتُكم كما أهلكتُهم.
وإنما قال ﴿ لِنَنظُرَ ﴾ ؛ لأنه سبحانُ يعامِلُ العبدَ معاملةَ المختبر الذي لا يعلمُ الشيءَ حتى يكون مظاهرة في العدلِ، وأنه إنما يُجَازي العبادَ على أعمالهم لا على علمهِ فيهم، قال رسولُ اللهِ ﷺ :" إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ، وإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيْهَا فَنَاظِرٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ " قال قتادةُ :(وَذكِرَ لَنَا أنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ : صَدَقَ رَبُّنَا مَا جَعَلَنَا خَلْقاً إلاَّ لِيَنْظُرَ إلَى أعْمَالِنَا، فَأَدُّوا أعْمَالَكُمْ خَيْراً باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالسِّرِِّ وَالْعَلاَنِيَةِ).